عند تطبيق الجندرة على مدينة فيينا طرأت تغيرات أخذت تتنامى. فمن الملاحظ أن المرأة والرجل يستخدمان ويتحركان في المدينة بشكل مختلف.
إن نموذج فيينا يحتذى به وعبر عقد من التجارب أصبح لديها الخبرة الكافية لتصدر دليلا شاملا لكيفية تطبيق «تعميم منظور الجندرة» على تخطيط وتصميم المدينة والمباني وذلك نظرا للطلب على التعلم من تجربتهم. قضية تعميم منظور الجندرة تعتبر من القضايا «الرأسية» التي تدخل في عدد من المقاييس مثل تخطيط المدينة والرؤى المستقبلية واستعمالات الأراضي وتطوير الأحياء وتخطيط الأماكن العامة مثل الشوارع والساحات المفتوحة والحدائق والإسكان والمباني الخدمية. الأمثلة المطروحة تؤكد أن القرارات التي تتخذ في حوكمة المدينة عليها أن تخدم الرجال والنساء بشكل متساوٍ لتمكنهم من الاستفادة القصوى من الفرص.
في السويد مثلا، لاحظوا أن غالبية من يمشون على أقدامهم هم من النساء مقابل غالبية من الرجال تقود السيارات. عند نزول الثلج على المدينة فإنه من المهم تحديد إن كانت إزالة الثلج سوف تتم أولا من الشوارع أم من الأرصفة نظرا لمحدودية الموارد والوقت لإزالته.. كان من المعتاد أن يزال عن الشوارع لتسهيل حركة السيارات. إلا أن المشي في الثلج أو دفع عربة أطفال سيرا على الأقدام أصعب من عبور السيارة من خلال الثلج. لذا قامت حكومة ستوكهولم باتخاذ قرار أن تتم إزالة الثلج بعد تساقطه من الأرصفة قبل الشوارع نظرا لكثرة حوادث السير التي تصيب النساء وكان لذلك أثر أن قلت الحوادث حتى الثلث، عندما تؤخذ احتياجات المرأة في الاعتبار فإن الجميع يستفيد. فالشوارع تصمم لتكون أكثر أمانا من حيث توفير خطوط رؤية واضحة وأماكن مفتوحة وزيادة بالإنارة. باعتبار أن النساء يمشين أكثر من الرجال يتم توفير أماكن للراحة والظل كذلك.
ماذا لو طبقنا مفهوم تعميم الجندرة على تخطيط مدننا وأحيائنا وشوارعنا؟ ما الذي سوف يتغير؟ إن الخطوة الأولى التي تسبق ذلك هي فهم الوضع الراهن بدراسات متعمقة لواقع المرأة في البيئة الحضرية وتطلعاتها. بطبيعة الحال تختلف علاقة المرأة مع المدينة والأماكن العامة عن علاقة الرجل بها. فالنساء بطبيعتهن لا يقطعن المسافات الطويلة بالمقارنة. لو تخيلنا مسارات الحركة للجنسين مرسومة على خريطة المدينة لرأينا فرقا شاسعا في الحركة.
يعتقد الكثيرون أن الأماكن العامة هي للرجال بينما المسكن للمرأة. مع التحول الذي تمر به المملكة أصبحنا نرى المرأة في أماكن جديدة وهي تقود في الشوارع وتحضر في مدرجات الملاعب وغيرها من الأماكن التي أعطيت فيها فرصة المشاركة الطبيعية لذلك من المتوقع أن نرى تغيرا في علاقة المرأة مع البيئة الحضرية. إن برنامج جودة الحياة ٢٠٢٠ على سبيل المثال يؤكد على ضرورة زيادة نسبة توظيف المرأة وتوفير فرص العمل في محيط مسكنها القريب وهو مثال رائع لتطبيق مفهوم الجندرة تماشيا مع طبيعتها.
بعض الأمثلة قد ترتبط بشكل واضح بالمرأة بينما الكثير منها قد لا يستدعي ربط النتائج بأحد الجنسين. فالهدف الأساسي هو التمكين الحضري للجميع.