من الدراسات المسحية المهمة، التي قامت بها مشكورة الهيئة العامة للإحصاء، لمعرفة المستويات الاجتماعية والاقتصادية للأسر في مجتمعنا، وتكوين تصور عن حالتها المعيشية، هي (مسح إنفاق ودخل الأسرة)، الذي أوضحت نتائجه وجود فارق واضح بين دخل الأسرة السعودية الشهري، البالغ في المتوسط نحو (13610) ريالات وإنفاق تلك الأسرة على مجموعة السلع والخدمات الاستهلاكية وغير الاستهلاكية، الذي وصل في المتوسط إلى حوالي (15367) ريال شهرياً، الأمر الذي يشير إلى وجود صعوبة في إمكانية الادخار، بل ربما الحاجة إلى الاقتراض من البنوك، لتلبية سلع وخدمات تحتاجها تلك الأسرة، يؤيد ذلك ما تظهره بيانات ذلك المسح من أن مجموعة السلع والخدمات الشخصية المتنوعة لأفراد الأسرة، قد حظيت بأعلى نسبة من متوسط إنفاق الأسرة السعودية الشهري، حيث بلغت نسبتها (21,2%)، الأمر الذي يجعل البعض يفسر هذا الارتفاع إلى الإنفاق على الخدمات المالية مقابل القروض الشخصية، هذا بخلاف أن مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز ونحوها، لم تكن بعيدة كذلك عن تلك النسبة، حيث بلغت نحو (20.7 %). وكلاهما أكبر حتى من نسبة إنفاق الأسرة على احتياجاتها من الأغذية والمشروبات التي عادة ما تأخذ النصيب الأعلى.
إن مما يبعث على الاهتمام بهذا الجانب أيضاً، هو أن مقارنة نتائج المسح الأخير عن إنفاق ودخل الأسرة الشهري في المملكة، بالمسح الذي سبقه، يشير إلى أن هناك زيادة في معدل هذا الإنفاق على مدى السنوات التي تفصل بينهما، ويعطي مؤشراً على أن هذه الزيادة ربما تستمر على مدى السنوات المقبلة، لاسيما في ظل وجود تغير مستقبلي في خصائص تلك الأسرة، المرتبطة مباشرة بنمط هذا الإنفاق المرتفع، مثل الحالة التعليمية لرب الأسرة، والرغبة بالاستمرار في امتلاك والسكن في فيلات ذات مساحة واسعة، التي أظهرت نتائج المسح الأخير أن إنفاق الأسرة السعودية الشهري، ممن تكون تلك خصائصها، ربما يبلغ ضعفين إلى ثلاثة أضعاف متوسط إنفاق الأسرة السعودية بوجه عام.
إن مما يبعث على الدهشة في نتائج تلك الدراسة المسحية، المتعلقة بإنفاق ودخل الأسرة في المملكة، هو ما تشير إليه من أن متوسط إنفاق الأسرة السعودية يزيد بمقدار (45%)، حين تتحول تلك الأسرة، من مستأجرة للمسكن الذي تقيم فيه، إلى أسرة تمتلك مسكناً ..!