يشير آخر تقرير صادر عن صندوق التنمية العقارية عن عام 2013، إلى وصول رأسمال الصندوق المدفوع لنحو 151.9 مليار ريال. وذكر التقرير أن الصندوق قدم نحو 36 ألف قرض في عام 2013، وصلت قيمتها إلى نحو 18 مليار ريال، كما أشار إلى وجود نحو 493 ألف طلب إقراض مباشر على قائمة الانتظار حتى ذلك العام. ويقدم الإقراض المباشر لمن تتوافر لديهم قطع أراض ويسعون للحصول على تمويل من الصندوق لبناء المساكن. وقد ألغي اشتراط توافر قطعة أرض لدى المقدمين للحصول على تمويل من الصندوق، وصار بالإمكان طلب قروض عن طريق الإنترنت. وبلغ إجمالي عدد الطلبات الإلكترونية حتى عام 2013، نحو 2.1 مليون طلب، وبذلك تجاوز عدد الموجودين على قائمة الانتظار للحصول على تمويل 2.6 مليون شخص. ويفوق هذا الرقم عدد القروض التي قدمها الصندوق منذ إنشائه قبل 40 عاما بثلاثة أضعاف ونصف. وتقدر قيمة إجمالي القروض التي ينبغي صرفها للقضاء على قائمة الانتظار الطويلة نحو 1.3 تريليون ريال. ولو أردنا بحسبة بسيطة تقليص فترة الانتظار لهذه القائمة إلى نحو عشر سنوات، فينبغي توجيه دعم سنوي من الدولة يتجاوز 100 مليار ريال، أما إذا خصصت 50 مليار ريال سنويا، فإن قائمة الانتظار الموجودة حاليا ستختفي بعد أكثر من 20 سنة.
وكان عام 2013 من الأعوام الجيدة التي ارتفعت فيها إيرادات الدولة النفطية وحدثت فيها فوائض مالية، مما ساعد في دعم الصندوق بنحو 13 مليار ريال خلال ذلك العام. ويبدو أن مصادر الصندوق الذاتية المتمثلة في تسديدات القروض بلغت نحو خمسة مليارات ريال في 2013. وساهمت موارد الصندوق الذاتية في توفير موارد مالية تكفي عشرة آلاف قرض فقط، بينما ساهم دعم الدولة في توفير مبالغ لمواجهة التزامات نحو 26 ألف قرض في عام 2013. ولا تتوافر بيانات عن نشاط الصندوق في العام التالي وحتى الوقت الحالي، ولكن يغلب الظن أن عام 2014 شهد نشاطا مماثلا للعام الذي قبله أو قريبا من مستواه. وعلى افتراض استمرار نشاط الصندوق التمويلي على مستويات عام 2013 نفسها ــ وهو أمر بعيد الاحتمال في ظل الظروف المالية الحالية ــ فإن الانتهاء من قائمة انتظار الذين تتوافر لديهم قطع أراض سيستغرق 13.7 عام، أما الانتهاء من قائمة قروض المقدمين عن طريق الإنترنت فسيستغرق نحو 58.3 عام أخرى. أي أن على الشخص الساعي للحصول على قرض من الصندوق بعد عام 2013 الانتظار 72 عاما للحصول عليه، وذلك في ظل الظروف التي كانت سائدة في تلك السنة.
لقد أسس صندوق التنمية العقارية لمساعدة الأسر على تملك مساكن حديثة ومناسبة. وقد نجح الصندوق في تمكين مئات آلاف الأسر التي تملك قطع أراض من اقتناء مساكنها. وقد أدى التزايد على طلب التمويل لمن تتوافر لديهم قطع أراض، وتراجع دعم الصندوق في فترات تراجع الإيرادات النفطية إلى تضخم قائمة المنتظرين للحصول على قروض سكنية. ورغم الدعم الكبير خلال سنوات طفرات الدخل النفطي الأخيرة، فإنه لم يكن كافيا للقضاء على قائمة انتظار الإقراض المباشر، ناهيك عن إقراض المتقدمين إلكترونيا والذين لا تتوافر لديهم قطع أراض. وتحميل الصندوق مسؤولية توفير تمويل قروض للأعداد الضخمة التي تقدمت أخيرا أمر غير عملي، إلا إذا تم ضخ مبالغ طائلة خلال السنوات القليلة المقبلة. وفي ظل الظروف المالية الحالية والمتوقعة في المستقبل القريب فمن المستبعد ضخ المبالغ اللازمة للقضاء على قائمة الانتظار الطويلة. ومن ناحية أخرى، لا تغطي موارد الصندوق الذاتية إلا مخصصات أعدادا محدودة من القروض. ولهذا يبدو أن الخيار الممكن حاليا هو ترك الصندوق وشأنه، وقصر عمله على تقديم القروض المباشرة.
ويتطلب تلبية طلبات القروض الإلكترونية تطوير آلية أو آليات أخرى غير الصندوق لمساعدة الفئات السكانية غير القادرة على توفير قطع أراض للسكن. ومن ضمن هذه الآليات مشاريع الإسكان الحالية والتوسع فيها عند تحسن الإيرادات العامة للدولة. ويمكن أيضا إنشاء مصرف إسكان متخصص غير مرتبط بصندوق التنمية العقارية، وتحفيز الفئات السكانية محدودة الدخل على المشاركة في تحمل تكاليف السكن. وسيساعد هذا المصرف وضع برامج ادخار طويلة الأمد للأسر محدودة الدخل تستثمر موجوداتها في مشاريع إسكان اقتصادية تستفيد منها هذه الأسر. على أن هذا، لا يمنع توفير الدولة لأكبر درجات الدعم الممكنة لمشاريع الإسكان الاقتصادي التي سينفذها المصرف، من خلال الدعم المالي والتنظيمي وتوفير الأراضي.