شهد الوسط الاقتصادي وتحديدا العقاري خلال 5 أعوام الأخيرة طفرة كبيرة في حجم الكتاب والمنظرين لحل أزمة السكن بدأت بخلافات بينهم في وجهات النظر ووصلت إلى حرب اتهامات وتخوين للمخالف إذ تجاوزت تلك الخلافات المجالس المغلقة إلى منابر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات التلفزيونية, ومما زاد الطين بله أعطاء هذا الخلاف بعدا دراميا بجعل هذه الأزمة بين ضحية وجلاد لكسب تعاطف وتأييد عدد أكبر من الجمهور ولكسب مواقف ضد المخالفين لوجهات النظرناهيك عن الشهرة التي كسبها بعضهم بشكل ملحوظ وتصويرهم أنهم أبطال وطنيين.
ليست المشكلة فقط في ما جاء به هذا الانقسام من تفريق بين فئات المجتمع وتخوين المخالفين وانسياق عدد كبير من بسطاء المجتمع خلف هؤلاء الاقتصاديين الذين قد يجهلون أبسط أساسيات السوق العقاري فحسب وإنما تجاوزه بوأد أي محاولة لإيجاد حلول أخرى مخالفة لوجهات نظرهم بل والأدهى هو التشكيك بأي قرار من مسؤول يصب في اتجاه حل الأزمة إن كان ذلك القرار خارج التوصيات التي وضعوها لأن الأمر عند الغالبية منهم لم يعد حلولا عملية لحل أزمة الإسكان وإنما انتقاما من المخالفين وتصفية حسابات حتى لوتطلب الأمر بث معلومات مغلوطة وإشاعات مصدرها غير موثوق ووضعها في رسومات بيانية وجداول رقمية ونشرها في الصحف اليومية وقنوات بكل سهولة مع الأسف لتبدوا للمطلع أنها أرقام رسمية حقيقية هدفهم الوحيد من نشرها إثبات وجهة النظر وكيد لمن يعتقد أنهم متضررون من تلك التقارير سواء كانوا ملاك أو مطورين للوحدات العقارية الأمر الذي أدخل الناس بحالة من الإحباط وعدم الثقة من حل أزمة الإسكان بسبب التضارب بين ما يقرأوه في الإعلام لمن وثقوا بهم من الاقتصاديين وبين واقع الحال من أسعار لا زالوا يرون عدم نزول كبير فيها وهذا الإحباط والتشاؤم الذي أدخل حتى المسؤول عن حلول أزمة السكن في حالة إرباك وحذر وخوف من الإتهام بالتقصير مما قد يعيق عملهم بشكل صحيح.
عزيزي القارئ: هذا الشكل من النقد لن يكون بناءً كما أنه ليس نقدا علميا مهنيا ولا يمكن له أن يفيد أو يسهم في حلول لأزمة السكن فنحن اليوم أكثر حاجة لكي يعود دور النقد البناء إلى مكانه الصحيح ومن الأشخاص المؤهلين لمحاسبة المقصر ومكافأة المنجز، كما أطالب بمحاسبة كل من يثبت أنه يثير الإنقسام ويطلق التهم دون دليل أو سلطان مبين ليصبح دورالنقد فاعلاً ومفيداً لحل أزمة السكن.