في مطلع عام 2001 كانت أول زيارة لي إلى دبي؛ لحضور أول مؤتمر آنذاك يتناول صناعة الصحافة في الوطن العربي، محتوى وإنتاجا ومنتجات، كانت دبي في مراحل النمو الأولى المتوهجة، وبعد أشهر حضرت مؤتمراً عقارياً، ولكن لم أجد غرفة واحدة للسكن؛ لقلة الفنادق من جهة، وحجم الحضور من كل دول العالم. الزيارتان خلقتا يقينا بأن تكون دبي محطة مهمة ورئيسة لقضاء إحدى إجازات العام.
أعتقد أن مئات وآلافا من السعوديين، ودول الخليج، والعرب، حتى الأجانب، أسسوا المعارض والمؤتمرات الإقليمية والدولية في دبي لعلاقة وثيقة مع هذه الإمارة الجميلة والمضيافة، علاقة باتت مساحة دائمة خلال أيام السنة، للإجازة أو التسوق، أو العمل والاستثمار والتملك في سوقها العقاري الذي كان في سنوات مضت الأكبر والأسرع نمواً في العالم على الإطلاق.
كل ذلك، من سياحة، واستثمار، ورغبة في التملك، أدوات استثمارية مهمة تبحث عنها الاقتصادات الناشئة، ولكن كيف تحقق ذلك؟
بالتأكيد من خلال عنصر الجذب الأهم الذي يستقطب المهتمين في شتى المجالات؛ وأبرزها المعارض والمؤتمرات، التي كانت تقام وتدار وفق أسلوب عالي الاحترافية، والاحترام، والتنظيم في دبي، التي نجحت بامتياز في أن تكون حالة متفردة في صناعة المعارض.
لقد أدركت حكومة المملكة أهمية هذه الصناعة، التي تنقلت بين أكثر من جهة حكومية، وعانت كثيرا بيروقراطية التصاريح، وطلب تأشيرات الحضور للأجانب، فأكبر معاناة لأي منظم هي استقطاب متحدثين أجانب في قطاعات محددة، أو في حضور شركة دولية مستثمرة ترغب في عرض منتجاتها، فضلاً عن تعدد طلبات وشروط جهات حكومية معنية أو غير معنية بهذه الصناعة.
وجاء الأمر الملكي الكريم بتأسيس هيئة عامة للمعارض والمؤتمرات، ليؤسس لمرحلة مهمة جداً في نقل صناعة المؤتمرات إلى مرحلة الاحتراف والتخصص والمنافسة بين الجهات المنظمة، إضافة إلى وضع بنية تحتية مناسبة للاستثمار في هذا القطاع، وأعتقد أن أولى الخطوات المهمة للهيئة الجديدة هي وضع نظام واضح للتنظيم، وفتح المجال للشركات الأجنبية للتنظيم لرفع مستوى التنافسية وجودة المعارض، والعمل على توطين القطاع من خلال تأسيس أكاديمية وطنية للتدريب في قطاع المؤتمرات، ووضع آلية مرنة وواضحة لاستخراج الترخيص، مع أهمية وضع تصنيف واضح للمنظمين المحليين والأجانب.
الهيئة الوليدة التي ستعمل على رفع مستوى الممارسة في صناعة المعارض، تسهم في الدفع بتحقيق جزء من مكونات رؤية المملكة، من خلال تنشيط قطاع الفنادق، والسياحة، والأغذية، والنقل الخاص والعام، وشركات الطيران، ومبيعات التجزئة والأسواق، وكل ذلك يتسق مع خطط التوطين، ورفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي.
الصناعة المنافسة والمنتجة للمعارض والمؤتمرات، تتكئ على بنية تحتية من الفنادق الكبرى ومقار كبرى لإقامة الفعاليات، المدينة المنورة – على سبيل المثال – يمكن أن تكون عاصمة للمؤتمرات الإسلامية الكبرى.