سبق وأن أشرت لمضمون المقال في عدة مناسبات ولم يكن بالتفصيل والتوضيح الذي أريد أن أطرحه، وهي مشكلة الدخلاء على السوق العقاري بعدة أوجه.
المشكلة الأزلية التي تواجهنا في كثير من قطاعات الأعمال والأنشطة المتنوعة هي ظهور (الدخلاء) والذين يكونون سببا لإرباك وتشوه هذه الأعمال، وهؤلاء أصناف وأنواع يدخلون إلى هذا القطاع أو ذاك ثم يتسببون في أزمات ومشكلات يصعب الخروج منها، ثم يتحولون إلى نشاط آخر يقتاتون عليه رغم افتقادهم الخبرة والتأهيل والممارسة.
القطاع العقاري عانى كثيرا وما زال من تبعات هؤلاء الدخلاء إلى يومنا هذا، فمثلا عند ثورة وحركة السوق العقاري ونشاطه مع بداية الألفية الجديدة جاء إلى هذا السوق الكثير من المتطفلين أفراداً ومؤسساتٍ عملاً واستثماراً وتطويراً وتمويلاً وتسويقاً وإدارة لأنشطة وشركات العقار المتنوعة دون سابق خبرة ومعرفة، وتسبب هؤلاء في مشكلات وتعثرات لمشروعات وأراضٍ معلقة بعضها لم يُحل إلى يومنا هذا.
وأسوأ نتاج لهؤلاء الدخلاء والمتطفلين: تعثر مشروعات سكنية كبيرة، إنشاء مساهمات عقارية وهمية أو غير نظامية أو نظامية بنية التلاعب وبعضها لم تتم تصفيته حتى الآن وقد تجاوز عددها مئتي مساهمة عقارية متعثرة بعشرات المليارات من الريالات، أيضا تسبب هؤلاء في تضخيم أسعار الأراضي واكتنازها بهدف رفع أسعارها إلى مستويات قياسية طمعا بالربح الفاحش، ومن المشكلات تزوير الصكوك وبيع الأراضي لأكثر من شخص بهدف التلاعب على المستفيد النهائي وبعض الأراضي السكنية بيعت لعدة أشخاص، وهناك سماسرة استصدار الأوامر وتطبيقها على أراضي الدولة وإعادة بيعها بأسعار عالية بمساعدة المتنفذين في بعض القطاعات الحكومية ومنها الاستيلاء على أراضي الدولة داخل وخارج المدن، حتى الحدائق العامة ومجاري السيول تم الاستيلاء عليها وتخطيطها وبيعها على المواطنين.
يضاف لهؤلاء بعض التجار والصناعيين على اختلاف أعمالهم ممن يستثمرون فوائض أرباحهم في شراء الأراضي (وهذا حق من حقوقهم) ولكن المشكلة في التحول من تاجر وصناعي إلى تاجر أراضٍ ومكتنز ومحتكر لأراضٍ بملايين الأمتار المربعة وقيامه بتأسيس شركة عقارية لإدارة أصوله العقارية التي هي عبارة عن أراضٍ بيضاء يتركها دون تطوير، مع حرمان المواطن المحتاج لبضع مئات من الأمتار للسكن.
وهناك بعض مسوقي العقار من الأفراد والمكاتب والمديرين والمستشارين والمدربين والكتاب والمحليين المتحولين من نشاط إلى نشاط حسب الموجة دون خبرة أو ممارسة في المجال العقاري أو معرفة بصناعة العقار وتعقيداتها، ويقومون بتوجيه السوق وإعطاء الآراء والتوقعات دون اكتراث للعواقب وتأثيرها على محتاجي السكن.
العقاري هو من عمل في السوق العقاري ومارس العمل كمطور ومستثمر وإداري ومسوق محترف عمل على مشروعات سكنية وتجارية أو طور مخططات بجودة وساهم في الحد من أزمة السكن ولم يتاجر بالأراضي أو يكتنزها أو يسوق لها.