بعد ظهور جائحة كورونا التي انتشرت في العالم سوف تتغيّر الكثير من المفاهيم والمعادلات، وكذلك الممارسات الاجتماعية المنتشرة في مختلف دول العالم، وأكثر ما يؤرق الدول ويسبب لها الكثير من المشكلات هو وجود العمالة المخالفة وانتشارها في الأحياء الشعبية والعشوائية وتركزهم في وسط المدن، وما يتبع وجودهم من ممارسات خاطئة وعادات قد لا تتناسب مع الدول التي يوجدون فيها وأهمها مستوى النظافة ومعايير السلامة وعدم الحرص على الممارسات الصحية والاجتماعية الصحيحة.
تركز العمالة أو مخالفي نظام الإقامة وتكدسهم في مساكن صغيرة وبأعداد كبيرة قد يكون مركزا لانتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة بسبب ضيق المساحة وانعدام النظافة والسلوكيات الصحية الخاطئة، والآن مع جائحة كورونا فالوضع أصبح أكثر خطورة وسوف يساهم في انتشار الفيروس بشكل أكبر وأسرع وهنا الخطورة.
خلال الأيام الأخيرة وبعد نشر عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا المعلنة في المملكة العربية السعودية من قبل وزارة الصحة يتضح أن نسبة المصابين من غير السعوديين هي الأكبر وتتراوح بين 70 إلى 80 % من إجمالي عدد الإصابات، ومعظمها بسبب المخالطة مع آخرين.
اليوم الدولة اتخذت العديد من الإجراءات المشددة بهدف منع انتشار جائحة كورونا ومنها منع التجول، وكذلك منع الدخول والخروج في بعض المواقع والأحياء داخل المدن ومنها العشوائية، وهذه الإجراءات أثبتت نجاعتها في الحد من حركة المواطنين والوافدين وتجمعاتهم سواء المقيمين أو المخالفين لنظام الإقامة ومعاقبة كل من يخالف تعليمات وزارة الصحة والداخلية.
مشكلتنا الأزلية في اثنين، الأول مُلاّك الشركات والمؤسسات سواء المقاولات أو التشغيل والصيانة والخدمات ممن يستقدمون العمالة ولا يوفرون لهم الحدّ الأدنى من المواصفات والشروط الخاصة بالسكن ويتم تكديسهم في مساكن تفتقد إلى أبسط مقومات الأمنية والصحية مما يعرضهم والآخرين للخطر. والثاني هو صاحب العقار المتستر أو المؤجر والذي يقوم بتأجير عقاره ولا يهتم سوى بالمقابل المالي دون تمحيص وتدقيق في الأعداد أو مدى نظامية هؤلاء المستأجرين، وهنا لابد من تغليظ العقوبات ضد من يخالف الاشتراطات الحكومية.
بعد انفراج الأزمة – بإذن الله – لا بد من إعادة تأهيل الأحياء العشوائية وسط المدن وخصوصا في مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض وجدة والشرقية والتي تعاني من هذه الأحياء بسبب تجمعات العمالة وتكدسهم سواء النظاميين أو مخالفي نظام الإقامة بهدف منع انتشار الأمراض والجريمة.
فمعظم هذه المساكن قديمة وبعضها آيل للسقوط وتفتقد إلى أبسط مقومات المسكن الملائم ولا بد من إزالتها وإعادة تطويرها بمساكن حديثة تناسب بيئتنا، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية وبما يتوافق مع معايير الأمن والسلامة.