الخصخصة أو التخصيص هو تحويل القطاعات الحكومية التي تقدم الخدمات إلى شركات خاصة من خلال طرح جزء منها في السوق، وقد كان خيارا استراتيجيا للعديد من دول أوروبا وأميركا في الثمانينات وازدهر في التسعينات حيث تم تحويل العديد من القطاعات الحكومية مثل شركات الخدمات والطيران إلى شركات خاصة تعمل بأسلوب تجاري مع الإبقاء على نسبة للدولة في أسهمها لتسهل مراقبتها وإدارتها والتأكد من تقديمها للخدمات.
أول تخصيص في المملكة كان قرار تخصيص الهاتف السعودي التابع لوزارة البرق والبريد والهاتف عام 1998م وتحويله إلى شركة خاصة بطرح 30% من أسهمه للاكتتاب العام وقد بدأ قويا ونجح في تخطي المصاعب التي كان تواجهه عندما كان مؤسسة حكومية لم يستطع الوفاء بخدمات الاتصالات وانتشارها في جميع مناطق المملكة، مع طرح شركات جديدة في السوق والنتيجة وصول الخدمة للجميع وبأسعار تنافسية. والخطأ الوحيد أنه تم التخصيص قبل تحرير السوق وتهيئته للمنافسة وإنشاء هيئة الاتصالات بعد إقرار تخصيص الاتصالات بثلاث سنوات.
وزارة الإسكان منذ إنشائها لم تستطع الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ المشاريع التي خططت لها منذ بدأت كهيئة للإسكان قبل ثمان سنوات وتأخرت مشاريعها وحتى بعد تحويلها إلى وزارة واجهت نفس المشكلة.
ما تمارسه وزارة الإسكان اليوم من تحركات وأعمال يتم تنفيذها بمرونة لم تكن موجودة قبل ثلاث سنوات وهذا يحاكي العمل التجاري وإن كان بصبغة حكومية. كما أنها ستعتمد في تنفيذ مشاريعها على القطاع الخاص.
الخطوات التي نفذتها وضمت جميع الجهات المعنية بشؤون الإسكان والتي كانت موكلة إلى قطاعات حكومية أخرى سوف تسهل عملها وتساعدها على التحرك بمرونة بالإضافة إلى تقديم برامج ومنتجات سكنية جديدة.
كذلك سعيها نحو تحويل صندوق التنمية العقاري إلى مؤسسة مالية مستقلة تُقرض وتُمول المواطنين وتُحصل أقساطها بهدف تقديم الخدمة إلى أكبر عدد من المواطنين توجه نحو العمل التجاري البحت. يضاف له التعاون مع البنوك وطرح منتجات تمويلية مع خيارات متنوعة للمواطنين يؤكد هذا التوجه.
التعاون مع المطورين وفرض الرسوم وإنشاء هيئة العقار كلها تصب في نفس المسار وهذا صحي ومفيد على المدى البعيد. إذا أعمالها جميعا تحتاج الى المرونة والسرعة في اتخاذ القرار والانجاز، وهذا يقودنا إلى سؤال وهو ما المانع من تأسيس شركة حكومية للإسكان يطرح جزء منها للاكتتاب العام؟
وتبقى أعمالها كجهة حكومية تتفرغ لشؤون الإسكان فقط وما يرتبط به من أنشطة وتحمي المواطنين وتهيئ لهم سبل شراء الأراضي والتملك والاقتراض بكل يسر وسهولة وبأفضل الأسعار وتكون الحامي والمدافع عن المواطن ودعم العاجزين والفقراء وذوي الدخل المحدود ومساعدتهم على التملك وهنا يكمن دورها الخدمي كقطاع حكومي، مع ترك بقية الأمور لهيئة العقار التي يجب ان تستقل وتنظم عمل السوق العقاري وتُشرف عليها.