من المشكلات التي تواجه السوق العقاري على اختلاف نشاطاته وتخصصاته توفر الكفاءات الوطنية وأهمها قطاع تطوير الأعمال والتسويق والمبيعات وإدارة الأملاك والمرافق وإدارة المكاتب العقارية، وهذا ينسحب أيضاً على القيادات العليا والسبب قيادات مترهلة تدير هذه الشركات والقطاعات.
علماً أن هذه التخصصات عوائدها كرواتب ومميزات وعمولات تعتبر من أعلى الوظائف دخلاً مقارنة بمثيلاتها في القطاعات الأخرى.
وللأسف ما زال الاعتماد على العمالة الوافدة غير المؤهلة ومن دول لا تعتبر متقدمة في هذا المجال، فمثلاً شركة عقارية سعودية تستقطب مديراً للتسويق والمبيعات من جنسية عربية يعمل في إحدى الدول المجاورة وبراتب يتجاوز 20 ألف دولار شهرياً وبتأشيرة زيارة ورغم ذلك لم يُضف الشيء الكثير.
وكأنه لا يوجد سعودي مؤهل يقوم بمهام وظيفته التي أمضى فيها أكثر من ستة أشهر وتم الاستغناء عنه! فغالبية الشركات لا تهتم بالموظف السعودي أو تسعى لتدريبه وتأهيله.
القطاع العقاري وتقسيماته السكني والتجاري والسياحي والترفيهي على المستوى الحكومي والقطاع الخاص يعاني من شُحّ الكفاءات وهذا ملاحظ بسبب عدم وجود مراكز ومعاهد تدريب متخصصة في مجال صناعة العقار المتنوعة والمتشعبة في مجال الدراسات العقارية والتقييم والتسويق والمبيعات وإدارة الأملاك والتطوير والاستثمار العقاري وتطوير الأعمال وإدارة المشروعات وإدارة المرافق والتصاميم الفنية وإدارة المكاتب العقارية، ويضاف لها الأنشطة المرتبطة بالسوق العقاري مثل المقاولات ومواد البناء.
حتى على مستوى مجالس إدارة الشركات والرؤساء التنفيذيين فالغالبية يفتقدون إلى الخبرة والمعرفة والتأهيل في إدارة الشركات والأمثلة كثيرة على فشل وتعطيل الكثير من المشروعات التي كان من الممكن نجاحها لولا إداراتها التي تفتقد إلى الرؤية والفكر العقاري الذي يؤهلها لإدارة استثمارات ومشروعات بمئات الملايين وبعضها بالمليارات ومعظم هذه الإدارات تأتي بتزكية ووساطات.
بعض دول الخليج كان لاختيار الكفاءات المؤهلة لإدارة الشركات والمشروعات دور كبير في نجاح المشروعات ومنها الكفاءات الأجنبية التي تم استقطابها من دول متقدمة لها باع طويل في الاستثمار والتطوير وتنفيذ المشروعات المميزة على مستوى العالم مثل أميركا وبريطانيا ودول أوروبا، بدلاً من إحضار عمالة عربية وآسيوية لا تمتلك الخبرة أو المؤهل وتسببت في الكثير من الخسائر المادية والمعنوية للقطاع الخاص وشركاته الفردية والمساهمة.
لقد أصبحنا من أوائل الدول عالمياً التي تستقطب عمالة عادية بعضها يحمل مؤهلات عادية ودون خبرة في مجال العمل، وبعضها الآخر يأتي بشهادات مزورة أو غير معترف بها ويُعطى الثقة ويعمل لسنوات يكتسب فيها الخبرة والثقة بعيداً عن الاهتمام بأبناء الوطن وهذا أوجد فجوة كبيرة بين سوق العمل واحتياجاته وبين حجم البطالة لدى السعوديين.
لعل المعهد العقاري التابع لوزارة الإسكان ينتبه إلى ذلك ويعمل على برامج تناسب احتياج السوق العقاري والمساهمة في تأهيل الشباب وتوطينهم.