خصخصة القطاعات الحكومية حاجة ملحة خلال المرحلة المقبلة بحثاً عن المرونة والسرعة في اتخاذ القرار والإنجاز وهذا أحد مرتكزات رؤية 2030، والهدف هو التخلص من البيروقراطية التي سادت لفترة من الزمن، هذا التوجه لابد أن يواكبه اختيار كفاءات مؤهلة يمكن أن تساهم في تحقيق الأهداف من خلال العمل بعقلية القطاع الخاص وتحقيق الربحية أو على أقل تقدير التمويل الذاتي، والتحول من مركز تكلفة إلى مركز ربحية، والقطاع العقاري يحتاج إلى الكثير من الغربلة سواء في القطاع الخاص أو العام، وكذلك تسهيل عمل القطاعات الحكومية وخصخصتها ومنها هيئات تطوير المدن.
فمثلاً تجربة هيئة تطوير الرياض التي امتدت لحوالي 45 عاماً تجربة طويلة وثرية مكنتها من اكتساب الخبرة وساهمت في وضع لبنات العديد من المشاريع الحيوية والمساهمة في الإشراف عليها وتنفيذها، ومصدر قوة الهيئة أنها برئاسة أمير منطقة الرياض وتضم في مجلسها عدداً من الجهات الحكومية مثل وزارة المالية، وزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة المياه والكهرباء، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارة النقل، وأمانة منطقة الرياض، والشركة السعودية للكهرباء، ومركز المشاريع والتخطيط، والقطاع الخاص ممثلاً في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، والأهالي ممثلين بثلاثة أعضاء.
ولديها مخطط رؤية مستقبلية للخمسين عاماً القادمة لقيادة التنمية الحضرية في جميع قطاعاتها ويعمل المخطط على تعزيز قنوات الاتصال والتنسيق بين جميع الجهات من القطاعين العام والخاص والسكان، ويرتكز في تكوينه على المعلومات الحديثة والميدانية المتعلقة بجميع القطاعات المختلفة في المدينة ويشمل المخطط التنمية الاقتصادية والبيئة والنقل والمواصلات والمرافق والإسكان والخدمات العامة واستعمالات الأراضي وأنظمة تطويرها.
ونتج عن مخطط الرياض الاستراتيجي بناء نظام متطور للمعلومات الحضرية وتأهيل كوادر وطنية متخصصة في مختلف جوانب التخطيط التنموي وبناء المشروعات الحضرية.
ومن أبرز مشاريع الهيئة في مدينة الرياض حي السفارات ومشروع النقل العام وتطوير طريق الملك عبدالله والمركز المالي والضواحي الجديدة والمراكز الفرعية.
كل هذه الخبرة التراكمية والإنجازات تؤهلها للتحول إلى قطاع خاص إما من خلال تحويلها إلى شركة حكومية مساهمة تملك فيها الدولة الحصة الأكبر على غرار شركة الاتصالات والكهرباء والنقل الجماعي، أو من خلال ذراع تطويرية يتم تأسيسها كشركة مساهمة وتطرح للاستثمار والمساهمة العامة.
اليوم نرى أن العديد من المناطق والمدن صدر قرار إنشاء هيئة عليا لتطويرها مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية وحائل، فتجربة الرياض يمكن تعميمها مع التحول إلى قطاع خاص، ويمكن أن تقود التنمية في مناطقها بمشاركة القطاع الخاص.
كما يمكن لها إعادة تأهيل العديد من الشركات العقارية المساهمة التي تأسست منذ عقود ولم تنجز الكثير بسبب قياداتها غير المؤهلة والمتكلسة والتي تحتاج إلى إعادة هيكلة بالكامل لتساهم في التنمية وتحقق الربحية لمساهميها.