
قبل فترة لیست بعیدة وخلال زیارة لمشروع اقتصادي ضخم في إحدى مناطق المملكة شاھدنا في الطریق مشروعًا سكنیًا حكومیًا جمیلاً في إحدى المحافظات على مساحة كبیرة، وبالسؤال عنه اتضح أنه غیر مسكون منذ إنجازه وقد بدأ یعتریه العطب، إذ لم تستطع وزارة الإسكان آنذاك والتي استلمت مسؤولیة تخصیصه البت في أمره، وقبل أشھر قلیلة جاء الحدیث عن ذلك المشروع فعلمت بشكل مؤكد أنه تم توزیع وحداته بالكامل بعد صیانتھا وإعادتھا إلى حالتھا الجیدة الأولى.
ھنا نتذكر المقولة التي ارتبطت سلباً في السابق بوزارة الإسكان أن مشكلة فكر لنقول الآن إن المشكلة بالفعل كذلك، لكنھا كانت مشكلة الوزارة ولیس المواطن، بدلیل أنه عندما تغیر فكر الوزارة في مرحلتھا الجدیدة بدأت مشكلة الإسكان تمضي سریعًا في طریق الحلول.
لقد وضعت الدولة قضیة السكن في أولویة اھتماماتھا، وأشارت إلیھ بالتحدید في إعلان المیزانیة الجدیدة ودعمته مالیًا بشكل كبیر، ولكننا لم نكن لنستبشر لو أننا لم نشاھد التحرك العملي ولیس التنظیري لوزارة الإسكان، التي یمكن اعتبارھا من الوزارات القلیلة التي تلتزم بتوجیھات الدولة بضرورة الإفصاح والشفافیة والإعلان الدوري عن أدائھا ومنجزاتھا.
ربما تكون وزارة الإسكان ھي الوزارة الأولى التي تعلن عن برنامجھا الجدید فور إعلان میزانیة 2018، فقد أوضحت قبل یومین في مؤتمر صحفي عن إطلاق برنامج سكني 2018، بل وأطلقت الدفعة الأولى منه بإجمالي 19481 منتجا.
البرنامج الجدید یحتوي على 300 ألف منتج سكني وتمویلي في جمیع مناطق المملكة، منه 125 ألف وحدة سكنیة بالشراكة مع القطاع الخاص، و75 ألف أرض سكنیة مطورة تقدم دون مقابل، و100 ألف تمویل مدعوم بالشراكة بین صندوق التنمیة العقاریة والبنوك والمؤسسات التمویلیة، وكما نفذت الوزارة المرحلة الأولى بإلتزام تام عام 2017 نأمل أن یحدث ذلك في ھذا العام، كما نأمل أن تستمر الوزارة في التفكیر لخلق حلول مبتكرة جدیدة لتتضاعف منتجاتھا في الأعوام القادمة لأن الحاجة للسكن ستتضاعف مع الوقت.
إننا كمجتمع نراقب أداء وزارات وأجھزة ومؤسسات الدولة من خلال منصات تعبیر متعددة، أھمھا المتابعة والنقد والملاحظات عبر وسائل الإعلام، والصحافة في مقدمتھا.
وأي وزارة أو جھاز حكومي تتواصل مع المجتمع بشفافیة وصدق بإعلان طبیعة أدائھا وبرامجھا وترحب بالمشاركة بالآراء كیفما كانت طالما ھي تتوخى المصلحة العامة فإنھا تستحق منا الاحترام، ووزارة الإسكان أصبحت قریبة منا بعدما كانت متعالیة علینا، وبرامجھا وخططھا أصبحت واقعا ملموسا بعدما كانت مجرد أحبار على الورق، وھذا في حد ذاته إنجاز وطني نرحب به.
المصدر: http://www.okaz.com.sa/article/1606752