مزاد مخطط النخيل الذي تم في محافظة جدة يوم الأربعاء الماضي أثار جدلا، فهناك من يرى انه كان ناجحا ويؤكد على قوة ومتانة السوق العقاري وانه متماسك بدليل بيع جميع الأراضي المعروضة خلال عدة ساعات وتجاوزه مبلغ 500 مليون ريال، وبأسعار جيدة عطفا على أوضاع السوق اليوم.
الطرف الآخر يرى أن المزاد بيع بأسعار أقل من سعرها قبل سنوات وهذا يدل على انخفاضها وعدم القدرة على تصريفها بالسعر الذي وضعه أصحاب المخطط، كما يرى بعضهم أن المزاد مجرد مسرحية ومبايعة بين عقاريين بهدف الإيحاء إلى عدم انهيار السوق ووجود طلب على الأراضي. كما يرون ان هذه الأسعار لازال مبالغ فيها خصوصا أن أقل سعر كان 4800 ريال للمتر المربع السكني وحتى 8100 ريال للسكني التجاري وأن هذه الأراضي هي للنخبة فقط.
طرف ثالث محايد ينظر للأمور بوسطية مع عدم التشكيك بالمزاد ويرى أن ما تحقق معقول ومقبول عطفا على معطيات السوق اليوم وما يواجهه من ركود بانتظار الكثير من البرامج والتنظيمات الحكومية.
الجانب الذي غفل عنه الكثير ولم أرَ له ذكرا في مناوشات الطرفين هو أن هذا المخطط في وسط جدة وفي موقع جيد وسط منطقة عمائر، ويسكن في معظم أحيائه المجاورة شريحة متوسطي الدخل، وأن البيع كان بالبلوكات فيما عدى عدة أراضي، ومعظم المشترين إن لم يكن كلهم هم من المستثمرين الذين سينتهجون أحد الخيارات الثلاثة إما تطويرها كعمائر سكنية وتجارية ثم يعيدون بيعها أو بيعها بالقطعة مباشرة بزيادة أو الاحتفاظ بها حتى يرتفع سعرها.
المستثمر المطور فردا كان أو مؤسسة دفع في هذه الأرض ليقوم ببنائها كعمارة سكنية تحوي عدة أدوار وملحق وسيعيد بيعها كشقق سكنية وفيلا روف، وبأرباح مناسبة.
لو كان المزاد على أراض سكنية فقط وليست متعددة الأدوار لاختلف الوضع حتى لو كانت داخل النطاق العمراني، فلا أعتقد أن الإقبال سيكون بنفس القوة على مزاد مخطط النخيل لاعتبارات كثيرة، فالمشترين هم من المستثمرين وليسوا من المستهلكين النهائيين وقد عملوا حسبتهم جيدا تكلفة الأرض كبلوك وإعادة بيعها كقطعة، تطويرها كشقق سكنية وإعادة بيعها بربح أكبر، الاحتفاظ بها لفترة أطول حتى ترتفع أسعارها لأنها أراض مطورة وصغيرة المساحة ولن تشملها الرسوم على الأراضي البيضاء.
في المناطق المجاورة يشتري المستهلك النهائي شقة بأسعار بين 500 و800 ألف ريال حسب المساحة والموقع داخل الحي؛ زبدة القول إن المشتري في هذا المزاد هو مستثمر وبسعر البلوك والمستهدف هو المستهلك النهائي بعد تطوير الأرض وهم شريحة متوسطي الدخل، وللمعلومية إن المنطقة حيوية ومرغوبة والطلب عليها جيد، وهذا ليس مؤشرا على أن أي مزاد سيحقق أهدافه.. ويبقى الطلب على المشاريع الحقيقية.