خاص – حديث العقار
أشارت آراء العديد من المحللين والمختصين إلى أن التأثيرات النفطية لها دور واضح على وضع السوق العقاري بالمملكة؛ حيث أن تراجع أسعار النفط يؤدي بالتبعية إلى تراجع أسعار العقار، والعكس صحيح.
ثأثير النفط على العقار
وبحسب الدراسات والإحصائات فإن أسعار العقار كانت متدنية قبل اكتشاف النفط، ثم ارتفعت تدريجياً مع اكتشاف النفط، وزيادة انتاجه، وبعد الطفرة النفطية الأولى التي حدثت مع بداية السبعينيات، والتي تلت الحظر النفطي، والقفزة الكبيرة لأسعار النفط في عام 1973، ارتفعت أسعار العقارات بشكل واضح، لتصل إلى أعلى معدلاتها بعد الزيادة الكبيرة في أسعار النفط عام 1979، وفي منتصف الثمانينات بدأت أسعار العقارات في التراجع مع إنهيار أسعار النفط لتستقر فترة وجيزة، ثم تعاود ارتفاعها التدريجي، وفي جدة تصاعدت أسعار العقارات في السنوات القليلة الماضية التي أعقبت ارتفاع أسعار النفط الأخير.
ليتبادر هنا إلى الأذهان سؤال هام، هل هناك علاقة مباشرة بين أسعار العقار وأسعار النفط؟!
قد يكون هناك علاقة مباشرة بين القطاع النفطي والقطاع العقاري لكنها قد تكون ضئيلة نوعاً ما، فالشركات النفطية غالباً لا تقوم بشراء عقارات في حالة ارتفاع أسعار النفط كما أنها لا تخفض من مشترياتها العقارية في حالة تراجع أسعار النفط، ليقتصر تأثير القطاع النفطي على العقار في مناطق الامتياز النفطي فقط، والتي لا تتغير أو تتأثر بالسعر النفطي، وهذا ما أكده القائمون على القطاع النفطي.
الإنفاق الحكومي وعلاقته بالطلب الكلي على العقارات
لكن بحسب العقاريون فإن هناك ترابط كبير بين ارتفاع أسعار النفط وأسعار العقارات من خلال تأثير الإيرادات النفطية في الإنفاق الحكومي في المملكة ودول مجلس التعاون؛ فزيادة أسعار النفط تعمل بدورها على زيادة الإيرادات الحكومية، ومن ثم يرتفع معه الإنفاق الذي يشكل الجزء الأكبر في النواتج الإجمالية لدول المجلس القومية، ومعنى ذلك أن زيادة الإنفاق الحكومي يعتبر أبرز العوامل المباشرة التي تؤدي إلى زيادة الطلب الكلي على العقارات وتعمل على رفع أسعاره، فمن خلال الإنفاق الحكومي يتم تمويل العديد من المشروعات العقارية، ومن خلال نزع الملكيات أو استئجار الممتلكات العقارية تتدفق مبالغ كبيرة إلى القطاع العقاري، والتي تقود أيضاً بدورها لزيادة الإنفاق الحكومي، ورفع مستوى الدخل القومي، ومن ثم زيادة الطلب على العقار، وزيادة المشروعات التنموية، والتي تعمل بدورها على تحسن الوضع العقاري، ورفع قيمة العقارات كما أن التوسع في توفير الخدمات العامة بمختلف أنواعها في المناطق السكنية يساهم في رفع قيمة العقارات.
ولهذا قد يسهم الإنفاق الحكومي بشكل رئيسي في رفع أسعار العقار، وفي حالة عدم رفع حكومات دول المجلس إنفاقها، ووضع إيراداتها المتصاعدة في استثمارات أجنبية، فلن تتأثر أسعار العقار بزيادة أسعار النفط، وستسطيع المحافظة على مستويات إنفاقها إذا حدث تراجع لأسعار النفط ولن تتراجع معه أسعار العقار؛ حيث أن السياسيات المالية بالمملكة العربية السعودية لن تتأثر بسبب وجود احتياطيات مالية ضخمة، وبالتالي لم يحدث تراجع في الإيرادات النفطية، وبالتبعية لن يحدث تراجع في أسعار العقارات.
التأثيرات النفطية على أسواق العقار العالمية
ومع انخفاض أسعار النفط الخام بنسبة استثنائية وصلت إلى 60% في الفترة ما بين يونيو (حزيران) ويناير (كانون الثاني) تبع هذا تأثيرات واضحة في أسواق العقارات العالمية، الأمر الذي حدا بشبكة العقارات العالمية “لامودي” القيام بتحري الآثار المحتملة على سوق العقارات في في بعض الدول الرئيسية المنتجة للبترول في الأسواق الناشئة، ومنها السعودية كأكبر منتج للنفط عالمياً، حيث يشكل البترول 90% من دخل حكومة المملكة العربية السعودية، ونتيجة لذلك توقع مصرف “سيتي بنك الأمريكي” انخفاض قمية الإنفاق بما يعادل 241 مليار دولار هذا العام، أي بنسبة انخفاض تصل إلى 18%، وتحاول المملكة حاليًا التصدي لمشكلة نقص في الوحدات السكنية بما يقارب مليون وحدة، نتيجة للارتفاع الملحوظ في تعداد السكان.
تأثيرات على السوق العقاري السعودي
وعن مدى تأثير هذا التراجع الحاد في أسعار النفط العالمي على السوق العقاري السعودي، صرح المدير العام لشركة عقارات للتطوير والتنمية المهندس عبدالهادي محمد الرشيدي بأن السعودية شهدت في السنوات الأخيرة نمواً مطرداً في مختلف المجالات الاقتصادية، كان له تأثير إيجابي على السوق العقاري بالمملكة؛ حيث أقرت المملكة ميزانيات ضخمة خصصت جزء كبير منها للمشروعات التنموية والبني التحتية بهدف خدمة المواطنين الأمر الذي حفز من أداء السوق العقارية، وطالما أن اقتصاد المملكة لن يتأثر بهذا التغير في أسعار النفط، فلن يتأثر أيضًا سوق العقار، لأن السوق العقارية لا تتأثر بعامل واحد فقط بل عدة عوامل يمثل قطاع النفط أحدها فقط، كما أن الأنظمة العقارية التي صدرت مؤخرًا ومنها نظام البيع بالتقسيط ونظام الرهن العقاري، وغيرها سوف تساعد المواطن في الحصول المسكن الذي يعتبر أهم أولوياته.
بيئة جاذبة للإستثمار
وفي سياق مختلف صرح المستشار العقاري عبدالحكيم أحمد السعدي في تصريحات صحفية أن سياسة المملكة الاقتصادية لا تتأثر بالهبوط في أسعار النفط، وبالتالي لن يكون لهذا أي تأثير على سوق العقار كما أن هناك استقرار نسبي في سوق العقار، ويعتبر ارتفاع أسعار العقارات بالسوق العقاري السعودي أكثر استقرارًا بالنسبة لأسعاره في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما يؤكد أن السوق العقارية في المملكة تعتبر بيئة جاذبة ومشجعة لأي مستثمر، كما أنها سوف تشهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات القادمة حتى في ظل زيادة الأسعار، نظرًا لدعم المطورين العقاريين وتشجيع حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله – على ابتكار حلول عقارية مناسبة للتصدي لمختلف الأزمات التي يمر بها السوق العقاري بالمملكة.
تراجع أسعار الحديد بسبب النفط
فيما أفادت بعض التقارير أن أسعار الحديد في المملكة العربية السعودية، شهدت تراجع ملموس إثر انخفاض أسعار النفط، وتوقع متخصصون أن يصل سعر طن الحديد إلى 1500 ريال (400 دولار) خلال الفترة المقبلة مع تراجع أسعار النفط التي وصلت في وقت سابق إلى 48 دولاراً للبرميل ، كما شهدت أسواق الحديد والسلع المهمة مثل مواد البناء والتشييد وفرة في المعروض وقلة في الطلب.
وكان عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله المغلوث قد أشار إلى إن تراجع سعر النفط ساهم في انخفاض أسعار الحديد وساعد المطورين والراغبين في البناء والتشييد على بناء مشروعاتهم بسبب كثرة العروض وقلة الطلبات، منوهاً إلى أن النفط يعتبر من الركائز الرئيسة في تحرك، ونمو الاقتصاد العالمي، فعندما ترتفع أسعار النفط ترتفع معه قيمة مواد البناء والمنشآت وغيرها من السلع المهمة، أما في حال انخفاضه فتتسارع معه وتيرة انخفاض تلك السلع والإنتاج الكبير من الشركات المصنّعة لمشتقات النفط، كما أن تراجع النفط أدى إلى تنافس شديد بين مصنعي الحديد والمصدرين، وفي حال ارتفاع أسعار النفط يسعى المصدرون والمصنعون للحديد وغيره من المشتقات إلى رفع قيمة أسعار منتجاتهم، كون قيم المواد الخام سترتفع أسعارها بمبالغ إضافية.
تأثيرات سلبية على السوق العقاري
فيما أكد مراقبون ومحللون للوضع العقاري للملكة أن قطاع العقارات فقد قرابة 25% من قيمتة الفعلية بسبب انخفاض أسعار النفط.
حيث أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور فضل البوعنيين في تصريحات صحفية أن استمرار انخفاض أسعار البترول سيؤثر سلبًا على الطلب المتنامي لسوق العقار لأسباب مرتبطة بالقطاعات التجارية، الأمر الذي يؤدي لخفض الأسعار.
عصب الأقتصاد بالسعودية
وذكر رئيس لجنة التثمين العقاري بغرفة جدة عبدالله الأحمري، أن هناك ارتباطًا كبيرًا بين ارتفاع وانخفاض أسعار البترول وبين أسعار العقار، لأن نسبة الطلب على شراء العقار تزيد عند زيادة القوة الشرائية للمواطنين، وانخفاض سعر برميل النفط يؤثر سلباً عليها، لأن برميل النفط هو عصب الحياة الاقتصادية في السعودية، وانخفاضه يعني انخفاض دخل قطاع عريض من المواطنين، مما سيكون له أثر سلبي على المواطنين وشراء المنتجات، وخاصة العقاري منها.
وعاء استثماري
وفي نفس السياق أشار الخبير العقاري أحمد فقيه إلى أن انخفاض أسعار البترول قد يساهم في ارتفاع أسعار العقار بحكم أن الوعاء الاستثماري في العقار هو الأكثر جاذبية، والأكثر ضمانًا على الأقل لدى قطاع عريض من المواطنين، خاصة أن أسعار العقار مرتفعة عن معدلاتها الطبيعة منذ سنوات، وسوف تبقى كذلك على الأقل حتى يتم تساوى العرض والطلب وهو شيء يحتاج لسنوات لحدوثه.