تتسابق مدننا في التوجه نحو حداثة المدن من خلال التوسع في إنشاء المباني والمساكن ذات الطرز الحديثة حتى يكاد يختفي في بعض المدن لاسيما الكبيرة منها هويتها العمرانية المحلية، لقد فقدنا الكثير من جماليات المدن القديمة التي بني عليها مجدنا وتراثنا العريق، ولقد فقدنا مع اندثارها شعورنا بالانتماء للحي السكني بعد أن نسيت جلسة المشراق وخالطت السيارة ممرات المشاة واختفت المعالم القديمة وهجرت أواسط المدن وتحولت إلى مساكن للعمالة وأوكار للمجرمين.
لقد تحولنا نحو المدن الحديثة ومع جمالياتها ومضاهاتها للعمران العالمي إلا أن آثارها السلبية أكبر فهي مدن فاقدة للروح تسببت في العزلة الاجتماعية وأصبحت الماديات والتنافس في البنيان سمتها البارزة والمباني الزجاجية المستوردة عنوانها الأبرز ولازمها الاعتماد على السيارة الخاصة والتكدس والازدحام ضريبتها المؤرقة.
والمحزن أن معظم المشروعات الجديدة آخذه في التوسع والتكريس لمفهوم الحداثة في التخطيط والتصميم العمراني ولا تستلهم المعاني السامية في طرز التراث القديم، وشتان مابين جمال المدينة القديمة والمدينة الحديثة.
وبالمختصر أقول إذا أردنا أن نبني مدن مستقبل نموذجية فإنه من الضروري التوفيق بين مثالية المدينة التقليدية مع واقع التغيرات الهامة في الحياة العصرية، فنحن لن نكون قادرين على إعادة إنشاء الماضي ولكن يجب أن نجعل مدننا أكثر حياة بحيث تعزز مكتسبات الماضي وتستفيد من تقنيات الحاضر، وحذارِ من الاندماج في الحداثة ونسيان تراثنا وهويتنا المحلية فقد فقدنا الكثير من هويتنا العمرانية ولا نريد أن نفقد أكثر!