تقنيات البناء تأتي بمستقبل جديد لقطاع التشييد في العالم، فهي ببساطة تحول في بناء المساكن من طرق الجيل الأول وأساليبه، إلى استخدام الجيل الرابع الذي يقوم على التقنية وأساليب العصر الحديث.
وإذا كان مجال تقنية البناء يحمل تغييرًا منشودًا لحل مشكلة السكن والبناء، ويجعلها أكثر سهولة وأعلى جودة، فإنه أيضًا يأتي محملاً بكوادر بشرية متميزة ولديها خبرة للتعامل مع هذه التقنيات وإدارتها.
وفي المملكة العربية السعودية التي تعمل لتكون من الدول الرائدة في الشرق الأوسط في استخدام هذه التقنيات، تبرز كوادر متعددة في تقنيات البناء، بدءًا من الموظفين الذين يعملون على انتشار هذه التقنيات ودفع المهتمين لتبنيها، حتى الفنيين والمهندسين العاملين بها.
رأس المال البشري هو العنصر الأهم في أي صناعة، وتنميته والحفاظ عليه واجب ومسؤولية كبيرة. لذلك، فإن قطاع التشييد في المملكة يأخذ على عاتقه هذه الفترة تنمية هذه الثروة وتدريبها وإعداد كوادر متميزة في المملكة في جميع التخصصات والأفرع، لجعل أساليب البناء الحديثة مجالاً سعوديًا خالصًا، يدار بكفاءة واقتدار من قبل المواطن السعودي الراغب في تنمية بلده.
وكان من شأن النمو الكبير والتحديث الذي يطرأ على مجال العقارات، أن يدفع لتطوير العنصر البشري، ليكون قادرًا على التعامل معه وتنفيذه وتحقيق التغيير المنشود.
في السعودية حاليًا يتوجه القطاع لتبني أساليب البناء الحديثة لتحل محل البناء التقليدي، الذي كان عليه أن يستجيب لهذه الثورة ويتطور ذاتيًا أو بدافع من الخارج ليواكب التغيير الحادث ويلاحقه. فلم يعد المنزل التقليدي الذي سيطر على الواقع عشرات السنين والمكون من الطوب والإسمنت والخرسانة المسلحة، هو الذي يلبي الطموح وهو الحل الأمثل في هذا العصر لإشكالية السكن. فالانتظار الذي كان قد يمتد عامين وأكثر لبناء مسكن جديد ويستهلك جهدًا ومالاً، أدى إلى أن تخرج حلول أخرى لتغيير هذا الوضع؛ ومن هنا، فإن تقنيات البناء كانت الحل الأنسب.
وعلى ذلك، فإنه يمكن القول إن الاستثمار في رأس المال البشري هو أحد أهم المحاور التي تستهدف هذا التحول. ويأتي التدريب في المقام الأول، الذي يجري من خلال الورش والمحاكاة الطبيعية لعمليات البناء وفقًا للتقنيات، ويستهدف تهيئة الكوادر الفنية والمتخصصين لفهم تقنية البناء وأهدافها والعمل على تغيير الصورة الذهنية بما يجعل هذه التقنية تنتشر وتكون أسلوبًا حديثًا للبناء في المجتمع؛ وهو ما سيعزز من الوصول لأهدافها وينمو بهذا القطاع الواعد الذي سيغير شكل البناء في السعودية والمنطقة.
أساليب البناء الحديثة لها العديد من الفوائد، منها: رفع مستوى كفاءة المبنى، وتطوير القدرة على التخطيط والإنتاجية بطريقة أفضل، بالإضافة إلى خفض وقت التنفيذ وتقليل العيوب، وتقليل المواد المستخدمة في الإنشاءات، وبالتالي تقليل الهدر، وتحقيق كفاءة عالية في استخدام الموارد وأنها صديقة للبيئة، وتقليل احتمالية حدوث الحوادث في موقع الإنشاء.
ويستهدف في هذه المرحلة توفير نحو 7 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة ضمن قطاع التشييد، بالإضافة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع، والمساهمة في زيادة سرعة التنفيذ لرفع قدرة البناء السنوية بحيث تنخفض المدة الزمنية اللازمة لتسليم الوحدة السكنية إلى أقل من 90 يومًا.
وأخيرًا.. إذا تمكن القطاع من إعداد كوادر قوية ومتميزة في قطاع البناء، فإنه يمكننا القول إن المملكة باتت قادرة على ريادة المجال وتصدره. فهذه الكوادر هي القادرة على العمل والابتكار والإنتاج والتصدير، بما يحقق أهداف ورؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تضع المواطن السعودي في قلبها؛ إذ عندما يكون قويًا وقادرًا على العطاء، فإن هذه الرؤية تكون قد حققت نتائجها. وهذا ما نراه حاليًا في قطاع الإسكان الذي بات من الأكثر القطاعات تطورًا ليس في الشرق الأوسط فقط، وإنما في العالم بأسره.