أكد تقرير أصدرته شركة « جيه أل أل » المتخصـــصة بالاستثمار والخدمات الاستشارية العقــارية، أن صناديق الثروة السيــادية في منطقة الشرق الأوسط لازالت ناشطة في شــراء العقارات العالمية، حيث أُبرمت 38 صفقة في الأشهر التسعة الأولى من السنة قيمتها 6.5 بليون دولار، لترتفع قيمة الصفقات العقارية الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 45 بليون دولار منذ العام 2007، ومن المتوقع أن يستمر نشاط هذه الصناديق التي «ستركز على المباني الفندقية والتجارية المرتفعة القيمة.
وأوضح التقرير أن انخفاض أسعار النفط أسفر عن إعادة هيكلة مالية للاقتصادات الهيدروكربونية في دول مجلس التعاون تضمنت خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات عبر تحصيل الضرائب، واعتبرت أن هذا السيناريو سيكون له تداعيات متباينة على الاستثمار في القطاع العقاري إقليمياً وعالمياً.
وأشــــار التقرير إلى أن إعادة الهيكلة المالية برزت في خفض الموازنات بين دول مجلس التعاون، لأن الحكومات «أصبحت أكثر حـــذراً في شـــأن مواردها المالية، مع ثمة احتمال لتقليص الإنفاق في مجال البنية التحتية». وفـــي مقابل ترجيح المضي في تنفيذ المشاريع المعلــنة، يبرز «احتمال تقليص حجمها أو إعادة جدولتها على مدى زمني ممتـــد فضلاً عن خفض المشاريع المستقبلية»، وستكون لذلك «تداعيات يمتد أثرها إلى أسواق العقارات المحلية».
وبحسب رئيس قسم البحوث في شركة «جيه أل أل» فــــي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقــيا كريغ بلامب،فإنه لا يزال يساورنا الشك في أن تؤدي إعادة التوازن للوضع المالي إلى صعوبات وتحديات خلال الأشهر الـ 12 المقبلة». إذ في وقت «تواصل الحكومات الإنفاق على مشاريع التنمية والبنية التحتية، فهي ستسعى حتماً الى تقليص مستوى هذا الإنفاق على المدى المتوسط، فيما تعمل على إعادة مواءمة حاجات الإنفاق مع واقع انخفاض عائدات النفط.
وأوضح بلامب أن بعض صناديق الثروة السيادية «لا يزال على نهجه الحالي فـــي الاستثمار عالمياً، لكن نتوقع توجيه مزيد مـــن الأموال إلـــى العقارات المحلية (من خلال عمليــــات شراء مباشرة للعقارات وعبر صنــــاديق ومديرين خارجيين) معتبراً أن ذلك سيــــــوفّر مصــــدراً مهماً لرأس المال الإضافي للأســـواق العقــارية في منطقة الشرق الأوسط، ومن المتوقع تعويض بعض من ذلك الانخفاض في الاستثمار الخارجي لصناديق الثروة السيادية «من خلال مستثمرين من القطاع الخاص من منطقة الشرق الأوسط.
ورجّح بلامب أن «تفضي التوترات الجغرافية السياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط إلى ارتفاع نسبة هروب رأس المال الخاص، إذ يبحث المستثمرون الأثرياء في المنطقة عن فــــرص استثمارية في أسواق عقارية خارجية أكثر أمناً واستقراراً.
وأوضح التقرير أن أميريكا الشمالية وبريطانيا هما أكبر المستقبلين لرؤوس الأموال الخاصة من منطقة الشرق الأوسط، كما يزداد إقبال المستثمرين على ألمانيا باعتبارها وجهة مفضلة، وانخفضت مستويات الاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط خلال هذه السنة، إذ تشير بيانات دائرة الأراضي والأملاك في دبي إلى «انخفاض عدد المبيعات العقارية بنحو 26 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من السنة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي». كما تغير نمط الاستثمار، إذ عوّض الانخفاض في عدد صفقات بيع الوحدات السكنية جزئياً الارتفاع في قيمة مبيعات الأراضي. واجتمع تدنـــي أسعار النفط مع ارتفاع قيمة الدولار، ليقلّصا انخفاض تدفق رأس المال إلى سوق العقارات في دبي في الأشهر الـ 18 الماضية.
وكانت بيانات وزارة العدل قد أفادت بأن قيمة الصفقات العقارية في المملكة العربية السعودية تراجعت بنسبة 9 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من السنة، مع انخفاض المبيعات من 316 مليون ريال سعودي (86 مليون دولار) إلى 290 مليوناً.
وقال رئيس مكتب «جيه أل أل» في السعودية جميل غزنوي، إن إتاحة مزيد من العقارات التجارية المكتملة المولدة للدخل وتوفير الفرص للدخول إلى قطاعات بديلة نامية، مثل التعليم والرعاية الصحية، سيكونان عاملين رئيسين لجذب الثروة الخاصة والحفاظ عليها داخل المنطقة، متوقعاً أن يؤدي تطبيق ضريبة الأراضي غيـــر المطورة إلى «زيادة مبيعات الأراضي داخل المناطق الحضرية في المملكة عام 2016، وبعض المالكين سيضطرون إلى بيع المواقع إلى المطورين القادرين على بدء أعمال الإنشاء لتجنب تحمل هذه الضريبة الجديدة.