احتياج المملكة من المساكن وفقاً لخطة التنمية العاشرة -الحالية- التي تمتد إلى عام 2020 يبلغ نحو مليون ونصف المليون وحدة سكنية، تصل التكاليف التقديرية لتوفير تلك المساكن إلى حوالي 750 مليار ريال على أقل تقدير، بمعدل 150 مليار ريال لكل عام من سنوات الخطة، تشمل بطبيعة الحال قيمة الأرض وشبكة المرافق العامة الأساسية وتمويل بناء تلك الوحدات السكنية، وهي بلا شك تكاليف ضخمة تعادل في إجمالي قيمتها تقريباً الميزانية السنوية للدولة بكافة قطاعاتها، لا سيما حين يتم النظر إلى تلك التكاليف من زاوية أنها موجهة لقطاع خدمي وليس لقطاع استثماري منتج، فهل من بديل اقتصادي فعال يمكن أن يجنبنا قدراً كبيراً من تلك التكاليف..؟ خصوصاً في ظل التراجع الحاد في عائدات النفط وتأثيره المباشر على المصدر الرئيس لإيرادات المملكة المالية.
إن من البديهي حين يتم التفكير في البدائل الممكنة والمتاحة في هذا المجال أن يكون جل الاهتمام منصب على مقدار ما تعطيه تلك البدائل من عناية واعتبار لعناصر تلك التكاليف الثلاثة، ألا وهي الأرض، وشبكة المرافق العامة، وتمويل بناء الوحدة السكنية، وقدرة تلك البدائل على تجنب كلفة كافة تلك العناصر إن أمكن، أو بعض منها على الأقل، والتي حينها سنكتشف من استعراض تلك البدائل، أن من بين أفضل ما يمكن أن نصل إليه منها، هو من يكون توجهه قائم على تفادي التكاليف المرتبطة بالعنصرين الأولين، وهما الأرض، وشبكة المرافق، بشكل أساسي، وذلك عبر التركيز على رفع مستوى الطاقة الاستيعابية والتوظيف الأمثل لعنصري المباني السكنية القائمة، والشبكة الحالية من المرافق الأساسية، والعمل على تعزيز كفاءة استغلالهما، والسعي في ذات الوقت لاستقطاب عنصر التمويل من خلال الحوافز التي يمكن أن تعطى لملاك المباني السكنية القائمة لتحقيق عائد استثماري أفضل.
إن من بين أوجه تمثيل هذا البديل على أرض الواقع هو رفع الطاقة الاستيعابية للسكان في مباني الشقق السكنية التي ربما يصل عددها التقديري في مدننا إلى نحو 150 ألف مبنى سكني، تحتوي على ما يربو على 2.2 مليون شقة سكنية، يقطن بها ما تزيد نسبته عن 47% من الأسر في المملكة من مواطنين ومقيمين، وذلك بدراسة إمكانية أن يضاف للبعض منها ممن يكون ملائماً من الناحية الإنشائية وفي المدن التي تعاني شحاً في العرض دور واحد أو دورين فقط تبعاً لموقع هذه المباني على محاور الحركة الرئيسة في المدينة، وعلى نحو تدريجي ومنظم ليمكن أن يوفر هذا البديل في سوق الإسكان على مدى السنوات القادمة نسبة عالية من المليون ونصف المليون وحدة سكنية التي حددت خطة التنمية مدى الحاجة لها، دون أن نضطر إلى استنزاف أراض سكنية جديدة أو أن نؤثر بشكل كبير على شبكة المرافق العامة، نتيجة أخذنا في الاعتبار الانتشار الواسع، والتوزيع المنتظم للزيادة في عدد الوحدات السكنية الإضافية ضمن بعض تلك المباني القائمة، بل ودون أن نحتاج أيضاً للتمويل الحكومي للإنفاق على بناء تلك الوحدات السكنية، نظراً لأن حافز إضافة الدور أو الدورين على مباني الشقق السكنية القائمة، لزيادة قدرتها الاستيعابية من السكان، هو كاف لأن يشجع ملاك تلك المباني على توفير التمويل اللازم لهذا الغرض، هذا بخلاف إسهام هذا البديل بشكل واضح في معالجة كثير من الخلل في التوزان بين العرض والطلب بسوق الإسكان المحلي في تلك المدن، وبالتالي دفع أسعار الوحدات السكنية للعودة إلى معدلاتها الطبيعية.