في خطوة واسعة في اتجاه تعزيز آليات القرار الاستثماري في الجهات الحكومية، فإنه من المتوقع وفقا لتقارير صحافية، أن يتم قريبا إدخال إصلاحات عميقة في لائحة التصرف في العقارات البلدية؛ لتحقق عدة أهداف، أولها تعزيز مفاهيم المنافسة بشكل أوسع في الأسواق وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك التركيز على أسواق النفع العام، مع فتح فرص الاستثمار المؤقت؛ لتعزيز صناعة الترفيه والصناعات الموسمية الأخرى، كما أن اللائحة المطورة تسعى إلى إعادة النظر في مدة العقود من أجل تحقيق أفضل استفادة اقتصادية منها، وتحسن ظروف القطاع الخاص، وهذا في مجمله يسير في فلك “رؤية المملكة 2030” من حيث دعم القطاع الخاص بممكنات كثيرة وتعزيز فرص الاستثمار، خاصة أن قدرات الأمانات والبلديات أصبحت أفضل من حيث التكوين والهيكلة والشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري والذمة المالية المستقلة، وبذلك فإن قدراتها على اتخاذ قرارات من شأنها دعم الأسواق والصناعات المختلفة بالاستثمار في المواقع والأراضي البلدية.
لعل من أهم التعديلات المنشودة في اللائحة التي سيكون لها أثر بارز في المنافسة، السعي إلى تقليل المشاريع الاستثمارية المستثناة من المزايدة العامة، وبالتالي فإن المنافسة أصبحت شعارا، خاصة أنه من المتوقع بأن تتم المنافسة في بعض المواقع والواجهات المميزة بالمزايدة العلنية، ما يتيح فرصة أكبر للمستثمرين خصوصا أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويعزز الشفافية والموضوعية، كما أنه سيتم من خلال اللائحة إحداث نقلة نوعية في دعم المنافسة وتنويعها مع تمكين الأمانات من فتح الباب أمام المنافسة للاستثمارات في الأغراض المؤقتة على أساس تأجير المواقع البلدية بشكل يومي أو شهري لغرض إقامة فعالية أو تنظيم مناسبة، وهذا من جانب آخر يعزز من قدرات الأمانات والبلديات على الاستفادة من أصولها الجاهزة لمثل هذا النشاط، أو حتى تطوير مواقع لمثل هذه الأغراض بناء على معايير موضوعية وواضحة ومعلنة. وفي هذا المسار كان لا بد أن تأخذ اللائحة في الحسبان أهمية الالتزام بالعقود المبرمة، سواء من حيث ضمان حقوق المستثمرين ومعالجة الصعوبات، أو إلزام المستثمر بالالتزام بالعقود التي يبرمها، حيث تتبنى اللائحة الجديدة أحكاما جديدة تعالج إجراءات التعثر في المشاريع والتأخر في تسديد المستحقات.
من اللافت أن مشروع اللائحة الجديدة سيفتح آفاقا جديدة من الشراكة بين الأمانات والبلديات مع القطاع الخاص في بعض أنواع النشاط الاستثماري الذي يتطلب ذلك، وهنا تتضح أهم وأفضل الممارسات الحديثة في الدمج بين القطاعين العام والخاص، حيث تقدم البلديات مشاريع مختلفة، كأن تكون مشاركة البلديات في حصص عينية، على شكل أرض مخصصة ويقوم القطاع الخاص بتقديم رأس المال، والهدف تحقيق أفضل الخدمات بأفضل استغلال للموارد وتحقيق عوائد مجزية للمستثمر مع توفير وظائف مختلفة، وهذا الأسلوب يشكل نقلة نوعية في الاستثمار البلدي بلا شك، كما أنه قدم دعما كبيرا للقطاع الخاص من حيث تخفيض أخطار الاستثمار كما أن توفير عوائد مالية للأمانات والبلديات يمكنها تحسين الخدمات العامة الأخرى، وكذلك الاستفادة من نقل الإمكانات الاستثمارية من مجرد فرص صغيرة إلى مشاريع كبيرة تستخدم تقنيات وخبرات وإمكانات مالية وإدارية متقدمة، كما أن هذا يعزز من فرص نقل الخبرات بين القطاعين العام والخاص.
وبشكل عام فإن هذه اللائحة الجديدة تعد ممكنا جديدا للوزارة؛ لتحقيق مبادرات برنامج التحول الوطني 2020 والتركيز على رفع جودة الحياة في المدن واستدامة مواردها.