حلم طال انتظاره بدأ بمقترح من عضو مجلس الشورى المهندس/ محمد القويحص في عام 2013م وأصبح حقيقة بإعلان مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة انشاء “الهيئة العامة للعقار” التي ستكون المُشرع والمُنظم والمُطور والمُشرف على النشاط العقاري غير الحكومي وهذا سيخلق بيئة جاذبة للمستثمر المحلي والأجنبي، بسبب ما عاناه السوق العقاري من فوضى عارمة في سوق الإيجار وسوق التمليك وأيضاً مصاعب المطورين العقاريين وما آلت إليه من مشاريع متعثرة، بالإضافة إلى ازدواجية في عمل ومسؤوليات الجهات الحكومية “كالغرف التجارية، ووزارة العدل، ووزارة الإسكان، ووزارة الشؤون البلدية والقروية” ليصبح كل ما يتعلق في العقار تحت مظلة ومرجعية واحدة.
على المحك:
ستكون الهيئة على المحك بعد اشرافها المباشر على القطاع العقاري ويجب عليها وضع اللوائح والانظمة و”اصدار التراخيص للأنشطة العقارية” ومن أهمها (شركات التطوير العقاري والمكاتب العقارية حيث بلغ عدد المنشآت العقارية قرابة 39 ألف منشأة منها نسبة 40% منشأة غير نظامية بينما بلغ عدد العاملين السعوديين قرابة 74 ألف موظف يقابلهم في الجانب الآخر عدد كبير من العاملين “المقيمين” غير النظاميين لذا سيكون من الواجب تصفية وتنقية السوق العقاري والعمل على تدريب وتطوير وبعد ذلك الترخيص للمؤهلين منهم، بالإضافة إلى مسؤولية الهيئة في “ترخيص المساهمات العقارية” حتى لا تتكرر مشكلة (بيع الوهم) حيث بلغ عدد المساهمات العقارية المحصورة لدى لجنة المساهمات في وزارة التجارة 458 مساهمة منها عدد 105 مساهمة تم تصفيتها (أي بنسبة إنجاز لا تتجاوز 23% وهي نسبة ضعيفة مقارنةً بمدة العمل) مما يستدعي العمل مع وزارة التجارة للتسريع في اعادة حقوق المساهمين بشكل عاجل, واستكمالاً لمهام الهيئة فستكون من مسؤولياتها “ترخيص البيع على الخارطة” حيث بلغ عدد المشاريع المرخص لها في برنامج وافي التابع لوزارة الإسكان 53 مشروع وقد تعثر منها 4 مشاريع على الأقل)، علماً بأن ما يؤرق الهيئة هو افتقار السوق العقاري للمعلومات الدقيقة وهو ما ستسعى له في انشاء “مركز معلومات وبوابة إلكترونية تخص العقار” مما يتطلب التعاون مع وزارة الشؤون البلدية و وزارة العدل لتفعيل نظام “التسجيل العيني للعقار”، بالإضافة إلى مراقبة المؤشرات العقارية مع العلم أنه كانت هناك اجتهادات من جهات حكومية لإنشاء مؤشرات عقارية إبتداءاً من مجلس الغرف التجارية في عام 2013م ومروراً بتوقيع اتفاقيات مع شركات عقارية لإنشاء مؤشرات عقارية في كل من الغرفة التجارية بجدة والرياض والطائف وذلك في عام 2014م، حتى انتهى المطاف قبل أيام بإطلاق “مؤشر الأرقام القياسية لأسعار العقار” التابع للهيئة العامة للإحصاء ونظراً لحداثته فقد تم توفير بيانات ثلاثة أعوام فقط، لذلك من يقرأ المؤشر سيرى حجم المشكلة.
قراءة للمؤشر:
من المشاكل المزمنة التي جعلت العقار في كساد خلال العاميين الماضيين هو التضخم المبالغ فيه لأسعار الأراضي وأيضاً لعدم وجود منتجات متنوعة في السوق مما أدى إلى تماسك الأسعار وهذا ما أثبته مؤشر الهيئة العامة للإحصاء الذي استمد معلوماته من وزارة العدل حيث أن نسبة انخفاض الأسعار لجميع أصناف العقار (السكني , التجاري , الزراعي) لم يتجاوز 13% على مستوى المملكة مقارنة بأسعار العقار لعام 2014م وهو ما يؤكد أن هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب.
بدون قيود:
تعتبر صناعة العقار من أهم مصادر الدخل لدى الدول غير النفطية وأيضاً من أهم الروافد للدول العظمى والنفطية، وهو ما تعمل عليه الدولة حيث تبلغ قيمة الاستثمار العقاري 34 مليار دولار من الناتج المحلي لذلك أصبح من الواجب دعم هذا القطاع لتحقيق رؤية 2030م في عدم الإعتماد على النفط، كما أنه أصبح لِزاماً على الهيئة نشر الوعي لأنظمة العقار والتعريف بحقوق المواطن والعمل على محاربة الإستغلال والإبتزاز ومن يسعى للتغرير بنشر الإعلانات الوهمية، وكذلك يجب عليها خلق البيئة الجاذبة للمستثمر الأجنبي والسعي على عدم هجرة رؤوس الأموال المحلية فهذا سيؤدي إلى افراز مشاريع ذات جودة عالية وزيادة في المعروض.