سأسرد لكم قصة الشاب البسيط محمد فهو متزوج وله من الأولاد اثنان ويعمل في وظيفة جيدة وراتب شهري يجعله ميسور الحال، فقد كان لدى محمد هم وطموح مثل طموح أي شاب أو أسرة في امتلاك منزل الأحلام، وهذا شجعه في البحث والسعي لتحقيق حلم اسرته إلى أن اصطدم بأسعار تفوق مقدرته المالية، ومنها ذهب إلى جهات تمويلية لتقديم حل يساعده للوصول إلى هدفه؛ حتى وجد عرض مناسب له بأن يتضامن مع زوجته لشراء الحُلم بالإضافة إلى تأثيث جزء من المنزل وأن تكون فترة السداد 30 عام، وأصبح هم البسيط وشغله الشاغل تحقيق الحُلم حتى وقع في عثرة الدفعة المقدمة وكيفية توفيرها، لتأتيه المشورة بأن يتصل على أحد الممولين الافراد فيكون عرض “ابو فلان” بأن يوفر له الدفعة المقدمة شريطة تسليمه شيكات تصرف شهرياً مقابل الدين القائم عليه، ليجعل محمد يفرح بالفرج الزائف ويقبل العرض ويطلب من البنك شراء المنزل.
من هنا بدأت رحلة محمد المديون في سداد الأقساط الشهرية مع زوجته حيث أصبحت الالتزامات المالية أكبر من طاقتهم ليتحتم علىالمديون بأن يتخلف عن سداد مديونية ابو فلان، حيث لم يخلد في مخيلته بأن هذا الدين سيكون بداية النهاية؛ فقد تقدم ابو فلان بدعوى قضائية متمثلة في شيكات بدون رصيد التي كانت سبباً في سجن المديون وتجميد حساباته لدى البنوك، وما كان على الزوجة إلا أن تستيقظ على مُعضلة حقيقية وهي أن تتحمل سداد أقساط المنزل لوحدها الذي جعلها في مأزق مالي كبير جداً لتصبح هي الاخرى متعثرة عن السداد مما دعً البنك بأن يبدأ مطالباته القانونية وتحديد خيارين لا ثالث لهما إما الالتزام بالسداد أو سحب المنزل وبيعه، فيتحول الحُلم لمأساة بتراكم ديون وتشتت أسرة، وضياع الحُلم.
بدون قيود ..
هذه المعاناة مرت على الكثير منا في عدم قراءة ودراسة الوضع المالي، واتخاذ أي قرار بتأني أو تأجيله لأجل غير مسمى، لذلك يتوجب على كل أسرة وكُل فرد لم يتملكوا المسَكن بأن يعيدوا صياغة الكثير من المفاهيم في امتلاك العقار المناسب، وأن تكون البدايةً بكيفية تحديد امتلاك المسَكن الذي ينقسم لنوعين إما من خلال توفير النقد أو الحصول على التمويل المناسب، فإذا كان الخيار نقداً يجب أن يعمل ويسعى صاحب الحُلم للادخار، وتوفير قيمة العقار أو السعي في توفير قيمة الدفعة المقدمة في حال كان الخيار هو الحصول على تمويل عقاري، ومن هذا المنطلق يتوجب عليه عدم المغامرة في خوض رهان خاسر مع الممولين غير النظاميين وأن يجعل تعامله مع جهات التمويل المعتمدة لدى مؤسسة النقد، والأخذ في الاعتبار بأن تكون التزاماته المالية لا تتجاوز نسبة استقطاع قدرها 50% من راتبه الشهري وبمدة تمويل لا تزيد عن 15 سنة من السداد وأن يكون التمويل بنسبة ثابتة وأرباح معلومة.
بهذه المعادلة البسيطة يستطيع صاحب الحُلم البحث عن منزل مرحلي مناسب له وغير مرهق في السداد، فإن لم يتمكن من تحقيق المعادلة فعليه اختيار الحل الأقل خطراً، وهو استئجار مسكن بسعر منطقي مع التركيز على تحسين وضعه المالي لحين تحقيق ما يصبو إليه.