الأداء الأسبوعي
انعكس استمرار وزيادة حالة الركود التي تسيطر على السوق العقارية السعودية على قيمة الصفقات الأسبوعية، إضافة إلى سيطرته على أعداد العقارات المتداولة والمباعة، ما يؤكد تصاعد التأثيرات المحيطة بتعاملات واتجاهات السوق العقارية بالعديد من العوامل المحلية والخارجية، ظهر أثره في أحجام العديد من الأفراد عن عقد صفقات لشراء أي من العقارات في ظل الفترة الراهنة، وأسهم في زيادتها زيادة التعقيدات التي فرضتها أنظمة التمويل المقررة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، التي اتخذت جانب الحيطة والحذر لحماية القطاع التمويلي من الانعكاسات المحتملة لتراجع أسعار السوق العقارية، وهو أمر يحمد لمؤسسة النقد (البنك المركزي)، خاصة وأن مستويات الأسعار الراهنة في السوق العقارية تعد الأعلى في تاريخ السوق والاقتصاد الوطني، والتي تشير إلى تفاقم حجم الفقاعة السعرية فيها، أدى إلى اتساعها بالصورة البالغة الخطورة القائمة عليها اليوم، السيطرة شبه المطلقة لطابع المضاربات وتدوير الأموال بحثا عن تحقيق هوامش أرباح سريعة وضخمة، تركز أغلبها على شراء وبيع قطع الأراضي بصورة أوصلتها إلى الاستحواذ على أكثر من 99.5 في المائة من مساحات العقارات المتداولة. حيث سجلت السوق العقارية السعودية بنهاية الأسبوع الماضي انخفاضا في قيمة صفقاتها بنسبة 8.5 في المائة، لتستقر عند 8.2 مليار ريال، مقارنة بقيمتها نهاية الأسبوع السابق 8.9 مليار ريال، أتى الانخفاض من التراجع الأسبوعي في قيمة الصفقات المنفذة على كل من القطاعين السكني والتجاري، حيث تراجعت قيمة الصفقات الأسبوعية للقطاع السكني للأسبوع الثالث على التوالي بنسبة 2.0 في المائة، لتنخفض من 5.6 مليار ريال إلى 5.5 مليار ريال، كما تراجعت قيمة الصفقات الأسبوعية على القطاع التجاري بنسبة 19.5 في المائة، منخفضة من 3.3 مليار ريال إلى 2.7 مليار ريال.
أما على مستوى مبيعات العقارات السكنية، فقد سجلت ارتفاعا طفيفا بعد ثلاثة أسابيع من التراجعات، مسجلة نسبة ارتفاع بلغت 0.4 في المائة، لتستقر عند مستوى 6133 عقارا مبيعة خلال الأسبوع، أتى هذا الارتفاع في أعداد العقارات المباعة للقطاع السكني مدعوما من الزيادة التي شملت جميع أنواع العقارات السكنية باستثناء البيوت وقطع الأراضي، اللتين سجلتا تراجعا بلغت نسبته 34.6 في المائة ونحو 0.4 في المائة على التوالي، مقابل ارتفاع كل من الأراضي الزراعية بنسبة 4.6 في المائة، والشقق السكنية بنسبة 10.8 في المائة، والعمائر السكنية بنسبة 43.5 في المائة، والفلل السكنية بنسبة 18.6 في المائة.
أما على مستوى متوسط أسعار العقارات السكنية خلال الأسبوع، فقد سجلت متوسطات الأسعار لأنواع العقارات كافة ارتفاعا باستثناء الفلل السكنية، التي سجلت تراجعا أسبوعيا وصلت نسبته إلى 24.0 في المائة، لتستقر عند متوسط 1.3 مليون ريال للفيلا الواحدة، مقارنة بارتفاع متوسط سعر الشقق السكنية إلى 605.6 ألف ريال للشقة الواحدة، والبيوت إلى نحو 380 ألف ريال للبيت الواحد، والعمائر إلى 801.3 ألف ريال للعمارة الواحدة، ومتوسط سعر المتر المربع للأراضي الزراعية إلى 29.7 ريال للمتر المربع، ومتوسط سعر المتر المربع لقطع الأراضي السكنية إلى 732.3 ريال للمتر المربع.
أهم المقترحات المطروحة لحل أزمة الإسكان
سبق أن تم طرح تلك المقترحات في أكثر من مقام ومقال، ولأهمية تنفيذها والأخذ بها مقابل تشخيص أسباب الأزمة التي أُشبع ذكرا وحديثا وعرضا، أكرر التذكير بها، خاصة أننا على مشارف مرحلة زمنية مختلفة تماما عما مضى في الأعوام الماضية، المرحلة التي ستشهد دخلا أقل بالنسبة للميزانية الحكومية عقب تراجع أسعار النفط عالميا، ما يقتضي بدوره البحث في البدائل الأخرى كافة، التي قد لا يشكل اللجوء إليها إضافة أعباء مادية أكبر، بل على العكس قد تؤدي إلى إيجاد فرص استثمارية أوسع بالنسبة للقطاع الخاص، وتحديدا نشاط التطوير العقاري، الذي يفترض أن يقدم إليه أكبر دعم ممكن سواء عبر تطوير الأنظمة والإجراءات المتعلقة بها، أو عبر توفير وزيادة قنوات التمويل اللازمة، كونه النشاط الذي سيجشع رؤوس الأموال والمدخرات المحلية للاستثمار في النشاط، والنجاح في اجتذاب تلك الثروات من مجالات المضاربة في قطع الأراضي، التي أدت إلى ارتفاع أسعارها بالصورة التي أوجدت الأزمة الإسكانية الراهنة.
كما يمكن أن تفتح تلك القنوات التطويرية المجال بصورة أوسع أمام تقارنها مع الاستثمارات الأجنبية، وتوظيفها في الاتجاهات المثلى التي ستساعد على حل أزمة الإسكان الراهنة، وكل تلك الخيارات متاحة وفي الإمكان تحقيقها بأقل التكاليف، وبأقل الجهود المأمولة.
المقترح الأول: أن يتم تحويل أكبر قدر ممكن من الأراضي الملغى صكوكها من قبل وزارة العدل، والمستردة لأملاك الدولة إلى ملاك وزارة الإسكان بالدرجة الأولى، وإلى الجهات الحكومية الأخرى (وزارة الدفاع، وزارة الحرس الوطني، وزارة الداخلية)، الذي بدوره سيوفر لوزارة الإسكان وبقية الجهات المقترحة مخزونا كبيرا من الأراضي، يسهل كثيرا من مهمة توفيرها، ويمنحها ميزة أكبر من حيث جاذبية مواقع المساكن، خاصة الأراضي التي تقع في مواقع يتوافر لها أغلب الخدمات والبنى التحتية اللازمة. يأتي هذا المقترح في الوقت الذي بلغت مساحات تلك الأراضي المستردة، والتي يتركّز أغلبها في المدن ذات الكثافة السكانية الأعلى، أقول بلغت أكثر من 1451 كيلو مترا مربعا (1.45 مليار متر مربع)، أعتقد أن نصفها على أقل تقدير كاف جدا لتلبية متطلبات الإسكان الراهنة ولفترة عشرة أعوام مقبلة.
المقترح الثاني: تنفيذا للأمر الملكي رقم أ/ 70 وتاريخ 13/ 4/ 1432هـ، الذي جاء نصه وفق التالي: (بسم الله الرحمن الرحيم، بعون الله تعالى نحن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، انطلاقا من أهمية الدور الكبير الذي يضطلع به حماة الوطن وحراسه، وهم من ضحوا في سبيل هذا الشرف بالنفس والنفيس، فسهروا على حماية الجبهة الوطنية في داخلها وعلى ثغورها، رجالا نعتز بهم، وببطولاتهم، وتضحياتهم.
أمرنا بما هو آت: أولا: قيام وزارة المالية وبشكل عاجل بمناقشة الجهات العسكرية بشأن أي حقوق أو التزامات مالية لمنسوبيها والتأكد من صرفها. ثانيا: قيام الجهات العسكرية كل على حدة بمناقشة احتياجاتها لإسكان منسوبيها مع وزارة المالية. ثالثا: تكوين لجنة من وزارة المالية والقطاعات العسكرية بجميع قطاعاتها، لمناقشة احتياجاتهم في مجال القطاع الصحي، والرفع لنا بالنتائج.
رابعا: يبلغ أمرنا هذا للجهات المختصة لاعتماده وتنفيذه. وكما هو معلوم بناء على التجارب القائمة لتلك القطاعات العسكرية، ولتوافر القدرة الكبيرة لدى تلك الجهات التي تتمتع بها الوزارات التالية: وزارة الدفاع، وزارة الحرس الوطني، وزارة الداخلية، على مستوى تنفيذ المشاريع، وكونها تضم مجتمعة شريحة واسعة من المواطنين العاملين فيها، إضافة إلى المتقاعدين منها، فلا شك أن ترجمة هذا الأمر الملكي في الوقت الراهن، ستكون أحد أهم الحلول وأنسبها في مواجهة الأزمة المفتعلة للإسكان.
وذلك بأن تتولى تلك الوزارات معالجة طلبات منسوبيها سواء كانوا على رأس العمل، أو كانوا متقاعدين، أو حتى ورثة المتوفين من كانوا يعملون فيها. ذلك أن تلك الوزارات تتمتع بقدرة وخبرة أكبر دون أدنى شك مقارنة بوزارة الإسكان الحديثة التأسيس، إضافة إلى الأهمية النسبية لشرائح المواطنين العاملين فيها والمتقاعدين، ويمثلون شريحة لها وزنها العددي على مستوى المجتمع السعودي.
كما أن هذا المقترح بتنفيذ الأمر الملكي يستهدف سرعة معالجة أزمة الإسكان بالنسبة لتلك الشريحة الواسعة من السكان، واختصار مهم لعامل الزمن، عدا ميزة التفوق والإتقان التي ستحظى بها مشاريع الإسكان حسب كل وزارة من تلك الوزارات عند التنفيذ، والشواهد الفعلية على ذلك قائمة على أرض الواقع ولا تحتاج إلى أي عناء لإثباتها.
ويمكن تخصيص الأراضي اللازمة للتنفيذ من المقترح الأول أعلاه، وبالنسبة للتمويل اللازم عبر اعتماده في ميزانيات تلك الوزارات، وعبر ما يتم استقطاعه حسب الحاجة من متحصلات الغرامات كما سيأتي ذكره بعد قليل.
المقترح الثالث: أن يتم تمويل تكاليف إنشاء الوحدات السكنية المخطط لها من متحصلات الرسوم والغرامات على الأراضي البيضاء، بتوزيع متحصلاتها على كل من وزارة الإسكان لتمويل تكاليف تطوير الأراضي وإنشاء الوحدات السكنية، وصندوق التنمية العقارية بما يعزز من قدرته على زيادة حجم قروض الإسكان للمواطنين. كما يمكن توجيه أجزاء من تلك المتحصلات إلى الوزارات المذكورة أعلاه في المقترح الثاني.
ووفقا للآلية المقترحة من قبل وزارة الإسكان بخصوص الغرامات على الأراضي البيضاء داخل المدن والمحافظات، يقدر أن تصل إيراداتها في العام الأول من تطبيقها إلى أكثر من 320 مليار ريال، ويتوقع مع زيادة تطوير تلك الأراضي أن تبدأ المتحصلات بالتراجع في الأعوام التالية، إلا أنها ستبقى ذات أرصدة ضخمة بالغة الأهمية، سيتخطى مجموعها في منظور الأعوام الخمسة الأولى سقف التريليون ريال.
المقترح الرابع: أن يتم تمويل مشاريع إسكان الشرائح الاجتماعية محدودة الدخل، من متحصلات الزكاة على الأراضي والعقارات المدرة، والمتوقع أن تبلغ حصيلتها مع أول عام أكثر من 152.1 مليار ريال، وذلك بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية.