افتتحت السوق العقارية المحلية أداءها خلال النصف الثاني من عام 2015 على مزيد من الركود غير المسبوق، ووفقا لما أظهره أداء السوق العقارية طوال الأعوام الماضية؛ فإنها تميل إلى التراجع في النصف الثاني من كل عام مالي، وقياسا على حالة الركود الذي يخيم عليها منذ ما يقارب عاما مضى، شهدت خلاله السوق في النصف الأول من العام الجاري انخفاضات كانت الأولى منذ عدة أعوام، يتوقع أن تأتي موجة الانخفاضات خلال النصف الثاني من العام الجاري أقسى من النصف الأول.
وبالنظر إلى تطورات أداء السوق العقارية المحلية خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2015، فقد أنهت تعاملاتها خلال الفترة على انخفاض في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 22.3 في المائة، لتنخفض بنهاية الفترة تموز “يوليو” إلى 215.9 مليار ريال، مقارنة بنحو 278 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي. وفي نفس الاتجاه الهابط الذي تمر به السوق العقارية، سجل كل من إجمالي عدد صفقات السوق والعقارات المبيعة انخفاضا لنفس الفترة بنسبة 14.5 في المائة ونحو 14.4 في المائة على التوالي، ليستقر إجمالي عدد الصفقات العقارية عند 166.6 ألف صفقة بنهاية تموز “يوليو” 2015، مقارنة بنحو أكثر من 194.9 ألف صفقة لنفس الفترة من العام الماضي، ولتستقر أيضا أعداد العقارات المبيعة خلال الفترة عند 179.1 ألف عقار مبيع، مقارنة بنحو 209.2 ألف عقار مبيع لنفس الفترة من العام الماضي.
أما على مستوى مساحات الصفقات العقارية، فقد سجلت خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2015 انخفاضا قياسيا، وصلت نسبته إلى 45.0 في المائة، لتستقر بنهاية الفترة عند 1.4 مليار متر مربع، مقارنة بنحو 2.5 مليار متر مربع لنفس الفترة من العام الماضي.
أتى الانخفاض الذي طرأ على متوسطات أسعار العقارات، ترجمة عملية لحالة الركود الشديد التي سيطرت على تعاملات السوق العقارية المحلية، الركود الذي يوشك أن يكمل عاما كاملا بنهاية الشهر الجاري، حيث سجلت متوسطات أسعار الأصول العقارية السكنية انخفاضات لافتة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، وصلت نسبة الانخفاض في متوسط الأسعار السوقية للمساكن (بيت، شقة، عمارة، فيلا) إلى نحو 16.6 في المائة، مقارنة بمستوياتها خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، وكان متوسط أسعار الفلل السكنية قد سجل انخفاضا خلال نفس الفترة بلغت نسبته 8.6 في المائة، وهو أمر متوقع قياسا على الانخفاض القياسي في أعداد الفلل السكنية المبيعة خلال الفترة، الذي وصلت نسبة الانخفاض فيه إلى 58.4 في المائة، لتستقر عند بيع 953 فيلا سكنية فقط خلال الأشهر السبعة الأولى من 2015، مقارنة ببيع 2294 فيلا سكنية لنفس الفترة من العام الماضي، ومقارنة ببيع 3577 فيلا سكنية لنفس الفترة من 2013.
في المقابل استقر متوسط أسعار الشقق السكنية خلال نفس الفترة من العام الجاري عند 574.1 ألف ريال للشقة الواحدة، على الرغم من ارتفاع عدد مبيعاتها خلال الفترة بنسبة 10.3 في المائة، لتستقر عند أكثر من 10.4 ألف شقة سكنية، وقد يكون زيادة الإقبال على تلك الوحدات السكنية بسبب الغلاء في الأسعار المسيطر على السوق العقارية، وكون أسعارها السوقية قريبة من قيمة القروض العقارية الممنوحة من صندوق التنمية العقارية. في حين تفاقمت نسبة التراجع لنفس الفترة للأراضي الزراعية، التي وصلت إلى 44.4 في المائة، مقارنة بمتوسط أسعارها لنفس الفترة من العام الماضي، فيما سجل متوسط سعر متر قطع الأراضي السكنية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري انخفاضا بنسبة 11.6 في المائة.
الجدير ذكره هنا؛ أن حالة الانخفاض في الأسعار التي بدأت تشهدها السوق خلال العام الجاري لأول مرة منذ عدة أعوام مضت، جاءت نتيجة الركود العقاري الذي يخيم على تعاملات السوق نتيجة التضخم الكبير في الأسعار السوقية للأصول العقارية المختلفة، ومع فوائض العروض من مبيعات المساكن التي تزامنت مع ارتفاع قياسي في أسعارها السوقية، قابلها في الوقت ذاته إحجام كبير من الأفراد ظلت تتصاعد وتيرته مع الارتفاعات غير المبررة في الأسعار، وذلك لعدم استطاعتهم سواء من حيث الدخل أو القدرة الائتمانية على الشراء بتلك المستويات المتضخمة من الأسعار، خاصة بعد بدء تطبيق مؤسسة النقد نظام التمويل العقاري (عدم تجاوزه نسبة 70 في المائة من القيمة الإجمالية للعقار)، كل تلك العوامل أفضت إلى المشهد الراهن الذي تقف عليه السوق العقارية، الذي لن يقف عند هذا الحد دون شك، فلا بد أن تستمر وتيرة الانخفاضات في مستويات الأسعار المتضخمة، حتى تصل إلى المستويات العادلة والمقاربة لحدود الدخل والقدرة على الاقتراض من قبل الأفراد، وهو ما يتحقق في الوقت الراهن، إلا أنه يتطلب مزيدا من انخفاض الأسعار، ولهذا سيستمر إحجام الأفراد عن الشراء إلى حين تحقق تلك المعادلة.
ويؤمل أن تكتمل بقية الإصلاحات المشروطة للسوق العقارية، لعل أولها إقرار آليات الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات قبل نهاية العام المالي الجاري، كونه أحد أهم الأدوات التي سيسهم تنفيذها في خفض مستويات الأسعار المتضخمة في الوقت الراهن في السوق، ولأنه الشرط الأهم على طريق حل الأزمة الإسكانية التي يمر بها الاقتصاد والمجتمع في بلادنا.
أداء الأشهر السبعة الأولى لعام 2015 للعقار السكني
سجلت الصفقات العقارية للقطاع السكني انخفاضات أدنى مقارنة بالقطاع التجاري، حيث انخفض إجمالي قيمة صفقاتها خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بنسبة 21.6 في المائة، لتستقر عند 141.3 مليار ريال بنهاية تموز “يوليو” 2015، مقارنة بنحو 180.3 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي. وسجلت أيضا انخفاضا في كل من أعداد صفقاتها وعقاراتها المبيعة خلال الفترة بلغت نسبته لكل منهما نحو 11.0 في المائة، لتستقر عند 145.3 ألف صفقة عقارية سكنية، ونحو 152.9 ألف عقار سكني مبيع، تأتي تلك الانخفاضات أدنى بكثير من الانخفاضات الأكبر التي لحقت بالقطاع التجاري، التي وصلت خلال نفس الفترة إلى 32.7 في المائة كنسبة تراجع على أعداد الصفقات العقارية التجارية، وإلى نحو 29.9 في المائة على مبيعات العقارات التجارية.
أما على مستوى مساحات الصفقات العقارية للقطاع السكني، فسجلت خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري انخفاضا بلغت نسبته 21.7 في المائة، لتستقر بنهاية الفترة عند 501.8 مليون متر مربع، مقارنة بنحو 641.2 مليون متر مربع لنفس الفترة من العام الماضي، ويعد ذلك الانخفاض رغم نسبته الكبيرة أدنى من الانخفاض الأكبر الذي لحق بالقطاع التجاري، حيث وصلت نسبة الانخفاض في مساحاته المتداولة إلى 53.0 في المائة، ليستقر عند نحو 877.9 مليون متر مربع، مقارنة بنحو 1.9 مليار متر مربع لنفس الفترة من العام الماضي.
الأداء الأسبوعي للسوق العقارية
سجلت الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية بنهاية الأسبوع الماضي انخفاضا بلغت نسبته 42.7 في المائة، لتستقر قيمتها عند 5.1 مليار ريال، مقارنة بمستواها السابق 8.9 مليار ريال. وطغى الانخفاض على كل من صفقات القطاعين السكني والتجاري، حيث انخفضت قيمة صفقات القطاع السكني خلال الأسبوع بنسبة 27.0 في المائة، لتستقر عند 3.5 مليار ريال، وانخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة أكبر بلغت 61.5 في المائة، لتستقر عند ما يقارب 1.5 مليار ريال.
أما على مستوى عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع، فسجلت انخفاضها الأسبوعي الرابع على التوالي، لتنخفض ضمن مسارها المتراجع بنسبة 5.4 في المائة، مستقرة عند 4897 عقارا مبيعا خلال الأسبوع، وطغى الانخفاض الأسبوعي على جميع أنواع العقارات السكنية باستثناء العمائر السكنية، حيث انخفضت مبيعات البيوت السكنية بنسبة 32.0 في المائة، لتستقر مبيعاتها الأسبوعية عند 34 بيتا سكنيا فقط، وانخفضت مبيعات الأراضي الزراعية بنسبة 25.0 في المائة، لتستقر مبيعاتها الأسبوعية عند 84 أرضا زراعية، وانخفضت مبيعات الشقق السكنية بنسبة 14.3 في المائة، لتستقر مبيعاتها الأسبوعية عند 330 شقة سكنية، وانخفضت كذلك مبيعات قطع الأراضي السكنية بنسبة 4.3 في المائة، لتستقر مبيعاتها الأسبوعية عند 4304 قطع أرض سكنية، وأخيرا انخفضت مبيعات الفلل السكنية بنسبة 4.2 في المائة، لتستقر مبيعاتها الأسبوعية عند 23 فيلا سكنية، وهو أدنى مستوى أسبوعي لها منذ 22 كانون الثاني “يناير” الماضي..