كتب: عبدالله محمد
إلتزمت وزارة الاسكان السعودية بالمواعيد المحددة لتسليم دفعات برنامج “سكني” الذي بلغ أرقاما قياسية في منتجاته السكنية والتمويلية، والموزعة على عدد كبير من محافظات المملكة، وأظهرت النتائج أن البرنامج يتفوق على نفسه مع كل دفعة جديدة، كماً ونوعاً.
ومع سعي المملكة لبناء وحدات سكنية تبدأ من 66.6 ألف دولار لجأت الدولة إلى تبني مقاربة تشاركية مع شركات التطوير والتمويل العقاري المحلية والدولية، والشركات المعنية بشؤون الإسكان والعقار والتشييد، مع الانفتاح على التجارب الدولية الحديثة سواء في أساليب البناء أو التمويل، وذلك عبر عرض الحوافز المغرية لمختلف الشركاء من أجل انخراط كل من موقعه، في تحدي بناء مليون مسكن خلال 5 إلى 7 سنوات، لتغطية الفجوة في قطاع المساكن بغية رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي.
ولتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، تسعى وزارة الإسكان لتحفيز المعروض العقاري ورفع الإنتاجية لتوفير منتج سكني بالسعر والجودة المناسبين، من خلال شراكات مع المطورين العقاريين العاملين والفاعلين القادرين على مواكبة تحديات سوق البناء، وإدماج الحلول الصناعية المبتكرة، التي توفر ما يقارب 30 في المائة من قيمة البناء الحالية.
وحيث أن هدف تحقيق مليون وحدة سكنية في خمس سنوات ليس بالمشروع الهين، لما يتطلبه من سرعة الإنجاز، فإن من أهم محاور تحقيق هذا الهدف تتمثل بداية في السعر والوقت، فبالنسبة للسعر يتم العمل على تخفيضه باستخدام مختلف تقنيات البناء، تبدأ أسعارها من حوالي 250 ألف ريال إلى 700 ألف ريال للوحدة السكنية الواحدة، أما بخصوص الوقت، فالدراسات المنجزة تتوقع إنهاء الوحدة السكنية خلال 35 يوما إلى 6 أشهر بحسب التصميم والمساحة.
وتشكل الجودة والتنوع المحور الثالث الأهم في مشروع تحديث تقنيات البناء وإنتاج الإسكان المستدام، فيما يتمثل المحور الرابع في إسهام القطاع في إيجاد الوظائف، عبر استهداف توفير ما لا يقل عن 100 ألف وظيفة في قطاع البناء والإنشاء خلال خمس سنوات.
ويفترض هذا البرنامج الطموح مغادرة الجيل الأول من تقنيات البناء التي لا تزال تستخدم في ما لا يقل عن 90 بالمائة من الوحدات السكنية بالبلاد، في الوقت الذي يدرس العالم تطبيق الجيل الرابع من تقنيات البناء الحديثة، إذا أثبتت التطبيقات جودتها وفعاليتها، حيث إن التقنيات الحديثة مثل المباني مسبقة التصنيع، وطرق التشييد بالأشكال الخرسانية الحجمية، والخرسانة الرغوية ذات الوحدات الخفيفة، والبناء بالروبوت، والنماذج ثلاثية الأبعاد، والهياكل الحديدية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، لا تعمل فقط على تسريع بناء المنازل فحسب، بل بإمكانها خلق فرص عمل ذات قيمة مضافة للمواطنين السعوديين، مما يفرض الانتقال إلى التقنيات الحديثة فيما لا يقل عن 50% من مشاريع الوزارة المقبلة.
وهو ما دفع الوزارة لتوقيع اتفاقيات محلية ودولية لإنشاء المزيد من الوحدات السكنية ذات الخيارات المتنوعة والسعر المناسب، والجودة العالية بجميع مناطق المملكة، تزامنا مع برنامج سكني لهذا العام الذي يستهدف تخصيص 280 ألف منتج سكني، أنجزت منه حتى الآن أربع دفعات استهدفت 72 ألف منتج.
ولقد بدأت ثمار هذا المجهود تظهر، حيث إن وفرة المعروض أسهم بشكل كبير في تراجع الأسعار بنسبة تتراوح بين 10 إلى 18 في المائة، خاصة في قطاع التأجير السكني الذي يستحوذ على معظم الصفقات العقارية في السوق المحلية، مما بيّن حاجة السوق السعودية لخطوات مثل برنامج “إيجار” الذي أطلقته وزارة الإسكان لتنظيم أداء السوق الذي عانى طويلا من العشوائية، حيث مكن البرنامج من إعادة تهذيب القطاع من جديد، خاصة بالنظر لحجم السوق الكبير والمتنامي، والذي يفرض وجود هيكلة واضحة في نظامها الأساسي، توقف التلاعب بالأسعار وأيضا تعيد الثقة في هذه السوق، بوجود مرجعية واضحة وسريعة للتعامل مع المشكلات التي تطرحها علاقة الإيجار.
وبالموازاة مع هذه الإجراءات وبالبرامج، فإن المجهود المبذول في الابتكارات التمويلية لا يقل أهمية عن عناصر البناء ككل، إذ بلغت المنتجات التي أطلقت في الدفعة الرابعة من برنامج سكني نحو 73 ألف منتج سكني وتمويلي، مما يعكس الاهتمام بتوفير سكن ملائم لجميع شرائح المواطنين بخيارات متنوعة، حيث إن من بين أهداف البرنامج تقليص فترة الانتظار إلى خمسة أعوام كحد أقصى، وبالتالي رفع نسبة التملك إلى 52 بالمائة وخدمة جميع المستفيدين في قوائم انتظار صندوق التنمية العقارية بنهاية عام 2020.
كما أن الدعم الذي سيحصل عليه المستفيدون، هو تغطية كامل أرباح التمويل لمن يبلغ دخله الشهري 14 ألف ريال أو أقل، ومن يزيد دخله على ذلك يتم دعمه حسب مستوى الدخل وعدد أفراد الأسرة، وإيداع الدعم بشكل شهري في حساب المستفيد، علما أن التمويل المدعوم، أنواع ثلاثة، هي البناء الذاتي، وشراء وحدة سكنية جاهزة، وشراء وحدة سكنية على الخريطة، لكل من الشريحتين المستفيدتين سواء من مستحقي الدعم السكني (بوابة سكني) أو قوائم انتظار صندوق التنمية العقارية.
والظاهر أن المجهودات المبذولة في البناء والتمويل تتجه بخطوات حثيثة وواثقة لدعم النمو المستدام للاقتصاد الوطني بمساهمة الخاص، وتحسين الأداء العقاري لرفع مساهمته في الناتج المحلي، وكذلك دعم مقومات المجتمع السعودي، وتوفير أسباب العيش الكريم للمواطنين، وتحقيق أولى خطوات رؤية المملكة 2030.