26 أغسطس 2015
في سعيها لتوفير المسكن الملائم لكل مواطن مستحِق قامت وزارة الإسكان بتنفيذ برنامج الدعم السكني (إسكان) الذي يهدف كما نصت لائحته إلى «توفير المسكن المناسب للأسر السعودية المستحقة من خلال تقديم الدعم السكني الذي يتناسب مع احتياجاتها.» على ذلك تعددت خيارات الدعم السكني التي تقدمها الوزارة للمستحقِّين ممن تنطبق عليهم اشتراطاتها، وتمثلت خيارات الدعم في: تقديم الوحدات السكنية الجاهزة، وتقديم قروض لشراء مساكن جاهزة، وتقديم قروض لبناء المساكن، وتقديم أراضٍ سكنية وقروض مالية معًا، وتقديم أراضٍ سكنية. من أجل ذلك أنشأت وزارة الإسكان بوابة إلكترونية على الشبكة العنكبوتية باستطاعة الفرد الدخول من خلالها للتقدم بطلبه وفق ما يراه مناسبًا لحالته المادية والاجتماعية. الخيارات السالف ذكرها لم تأتِ بها الوزارة إلا لتجعل الفرص متعددة أمام المواطن المستحق ليختار منها ما يلائمه ويحقق رغباته، ولست هنا بصدد الدخول في تفاصيل تلك الخيارات ومدى تحققها على أرض الواقع وحجم الاستفادة من كل خيار فالوزارة والمستفيدون أدرى بذلك. فقط أريد التركيز على الخيار الأول وهو خيار (الوحدات السكنية) التي يبلغ عدد الواقع منها تحت التنفيذ (70724) وحدة سكنية بحسب آخر تحديث لموقع الوزارة خلاف تلك التي تحت التصميم أو تحت الطرح. الوحدات السكنية ما هي إلا تجمع لمئات الفلل الجاهزة في حيز مكاني عادة ما يكون خارج النطاق العمراني بحيث يتم تجهيز تلك الفلل بما تحتاجه من أثاث وغيره بما يكفل راحة المواطن المستفيد منها. الخيارات السابقة جميعها تأتي ملبية لرغبات المستفيدين منها إلا أن خيار الوحدات السكنية يأتي في جانب منه خلاف ما يأمله المستفيد. ولتوضيح ذلك أقول: تواجُد الوحدات السكنية في المدن أمر يحقق رغبات المستفيدين فهم لا يخرجون عن أن يكونوا شبابًا مرتبطين بوظائفهم في المدن أو كبار سن قرروا الرحيل من قراهم والاستقرار في المدن، بالتالي فحصولهم على الوحدات السكنية يُعد أمرًا مثاليًّا، لكنَّ الإشكالية تقع حينما يكون تجمُّع الوحدات السكنية في القرى والأرياف والبوادي؛ ذلك أن المستفيدين غالبًا ما يكونون مرتبطين بمزارعهم وحقولهم ومواشيهم بالتالي فمسألة تحريكهم من مساكنهم -وإن كانت متواضعة- وتركهم مزارعهم ومواشيهم مقابل منحهم وحدات سكنية في تجمع بعيد عن مصدر رزقهم، هذه تُعد من قبيل الجمع بين النقيضين، ولذا قد يلجأ المستفيد لتأجير الوحدة أو منحها لأحد أقاربه وبالتالي ينعدم الهدف الأساس من وجود تلك الوحدات. وعليه فإنني أرى -وغيري كذلك- أن بناء الوحدات السكنية في القرى والأرياف والبوادي لا يُعد حلاًّ مثاليًّا لمشكلة الإسكان، ولذا يمكن الاكتفاء بالوحدات السكنية في المدن للأسباب الواردة أعلاه.