كثير من الأمور في بيئتنا والتي تعبر عن عادات وتقاليدنا كسعوديين نجدها ضاعت مع العولمة وتطور التقنية، فمظاهر المناسبات الاجتماعية لم تعد تعبر عن هويتنا بل أصبحت مستنسخة من حضارات أخرى.
كذلك الأمر في الهوية المعمارية والعمرانية فنجدها بدأت في الاضمحلال وبدأت تختفي بسبب اجتهادات خاطئة صدرت من غير المختصين فلم نعد نرى مباني تعبر عن قيمنا وتراثنا المعماري والعمراني، بل أصبحنا نرى مباني مستنسخة من حضارات عالمية لاتعبر بأي شكل من الأشكال عن ماضينا كدلالة على استمرار الحضارة، بل إن كثيراً من المباني ليست لها هوية معينة فهي عبارة عن صناديق مظلمة وكئيبة لاتتوقع أن يعيش بها أناس لهم حضارة عمرانية مجيدة.
في غالب دول العالم لايمكن لشعوبهم أن يتخلوا عن هويتهم سواء بلغتهم الأم أو عاداتهم الحميدة أو تراثهم العمراني، قد يكون السبب في عدم الاهتمام بمثل هذا الأمر ناتج عن عدم اهتمام المختصين واجتهادات غيرهم، أو قد يكون ناتجاً عن عدم اهتمام المؤسسات الرسمية بتراثنا العمراني لنستفيد منها عمرانياً واقتصادياً وسياحياً.
رغم كل هذا هناك عمل بدأنا نراه في المحافظة على تراثنا تقوم به الهيئة العامة للسياحة والآثار وما جدة التاريخية إلا خير مثال، وأتمنى أن يتم تعميم هذا الاهتمام لكل الأماكن التاريخية والمحافظة على التراث العمراني في كافة مناطق المملكة والاستفادة منها.
كذلك لابد أن نعبر عن هذا التراث العمراني في كل مدننا وأحيائنا ومبانينا الحديثة وأن تهتم وزارة الشؤون البلدية والقروية في هذا الشأن بتدقيق التصاميم ومراجعتها ووضع اشتراطات خاصة لوضع أنماط معمارية من حضارتنا في المباني المستقبلية.