من يتتبع نشرات مؤسسة النقد يمكن له استشراف الوضع الاقتصادي الكلي لدينا، أو أي سياسية نقدية ومالية لأي بنك مركزي، ومن خلال النشرات الأخيرة الربع سنوية نلحظ التالي، مجمل القروض الاستهلاكية بالمملكة حتى نهاية الربع الثاني من 2015 بلغت 313,74 بليون ريال وقروض بطاقات الائتمان بلغت 8,51 بليون ريال. أما القروض العقارية بلغلت للأفراد 98,13 بليون ريال، وللشركات بلغت 72,89 بليون ريال أي بمجموع بلغ 171,11 بليون ريال، ولا مقارنة هنا مع القروض الاستهلاكية، وللعلم القروض الاستهلاكية هي غير منتجة وبالتالي لا تضيف للاقتصاد الوطني، ولن نقول أنها كلها سلبية فهناك محتاج ومضطر وغيره، ولكن الرقم الإجمالي كبير وكبير جداً برأيي، مقارنة بالقروض العقارية، وهنا موضوعي اليوم، لماذا المعادلة مقلوبة برأيي وهي ارتفاع القروض الاستهلاكية بما يقارب الضعف للقروض العقارية، وهي الأهم والأكثر قيمة ومضافة للواقع اليوم والمستقبل، فالقروض العقارية لماذا هي المتدنية والأقل مقارنة بالقروض الأخرى؟! ونحن بحاجة ماسة وضرورية للقروض السكنية والتمويلية، ونحن نعرف أن هناك فجوة بين العرض والطلب لم تنكسر لليوم ولم تقترب كثيراً، وهذا ما يبرر أهمية التمويل ودخول البنوك بعملية الحلول للسكن، وعلى مؤسسة النقد أيضا دور مهم بتوفير وتقريب وجهات النظر في أسعار الإقراض بأن تكون الأقل فهي مبالغ كبيرة وطويلة الأجل، مما يبرر أن تكون الأسعار ليست كغيرها، وأيضا توفير الضمانات للبنوك لقروضها وأموالها المستثمرة.
أعتقد من الأهمية أن نراجع دور البنوك غير الفعال في الشراكة في حلول السكن من خلال التمويل، وهذا ما يمكن أن نلحظه بدول الخليج التي تتجاوز قروضها السكنية العقارية في المملكة بمراحل كالإمارات فهي تتجاوز 250 مليار ريال كقروض سكنية، ولا مقارنة هنا بين حجم الطلب والسكان وكل المعطيات الاقتصادية، ولكن النظام المصرفي هناك أكثر فاعلية في المشاركة في التمويل، ولا أعتقد أن البنوك تمانع بالإقراض للتمويل العقاري، ولكن ما هي الضمانات الكافية، وأيضا أهمية السعر العادل للإقراض، نحن بحاجة لدور البنوك ودور فاعل ومهم للمشاركة في حلول السكن، فما يحدث من تمويل تقليدي استهلاكي أثره سلبي بأن يكون بهذه المعادلة ويكون أعلى من القروض السكنية، وهذا مؤشر إلى أين نحن نتجه بهذه القروض وأنها غير منتجة، ومع أهمية نشر الوعي بأهمية المنزل والتملك له من أول يوم يتوفر لك دخل مالي، وهذه سياسية كثير من الدول المتقدمة نجد مبدأ التوفير مهم ثم التمويل والتملك للسكن، ولهذا نجد نسب تملك السكني عالية وجيدة في هذه الدول.
دور المصارف لدينا لا يجب أن يتوقف على التقلدية في تحقيق الأرباح والتي أصبحت معتادة، بل العمل على منتجات عقارية وتمويل مباشر وحقيقي ويمكّن من التملك بشروط وأسعار ميسرة تحت مظلة مؤسسة النقد، خاصة أن السيولة تسمح بذلك وبمعدلات جداً جيدة.