27 أكتوبر 2015
أصبح القرض المعجّل الذي يستعد صندوق التنمية العقارية، وبعض البنوك المحلية إطلاقه في سوق متعطش، أشهر من توفر الوحدة السكنية التي سيقدم من أجلها القرض.
فالهدف النبيل الذي يعمل فيه الصندوق، بهدف البحث عن حلول تمويلية لقوائم الانتظار من طالبي الإقراض السكني في ظل عجزه عن توفير متطلبات هذه القوائم التي تجاوزت 350 ألف مواطن، وأعتقد أنها خطوة جيدة أن يبحث الصندوق عن تعاون مشترك مع البنوك المحلية لتمويل هؤلاء المنتظرين، وتوفير فرص التمويل بسهولة لطالبي السكن.
إلاَّ أن هذا الاتفاق الذي تم بين الصندوق والبنوك يُعتبر آلية مرهقة للمواطن، إذا ما علمنا أن هذه البنوك ستكون المستفيد الأكبر من هذا البرنامج؛ كونها ستجد أدوات للوصول إلى عملاء مضمونين، وجاهزين للبحث عن أيّ وسيلة لتمويل شراء منازلهم، وفي الوقت نفسه سيمارسون هوايتهم في فرض الفوائد البنكية الباهظة. أعتقد أنه قبل اللجوء للبحث عن وسائل التمويل المتوفرة بالطريقة التقليدية البنكية، ولا تحتاج إلى تدخل الصندوق كطرف ثالث في هذه الاتفاقية بين البنك والمقترض هو أن يبحث الصندوق عن آلية لتوفير مبلغ أعلى من المبلغ المحدد حاليًّا، وهو 500 ألف ريال،
والتي بالأسعار الحالية لا يمكن أن تكفي لشراء قطعة أرض، ولا تكفي لبناء 450 مترًا مربعًا عظمًا، فما بالكم إذا كان هذا البرنامج سيمنع المقترض من الحصول على قرض آخر لإكمال متطلبات بناء منزله، وبديهيًّا إن هذا القرض المعجّل لن يستفيد منه إلاَّ البنوك، وتجّار الأراضي الذين سترتفع أسعار أراضيهم.
ولو كان الصندوق يبحث عن الآلية الأفضل، لوجدها من خلال التخلّص من قوائم «المؤجّلين» لقروضهم التي حلّت، ويصل عددهم لحوالى 110 آلاف مستحق، من خلال تحديد فترة زمنية لحصول المستحق على قرضه، أو الانتقال إلى المستفيد الآخر، ولا يمنع ذلك أن يكون برنامج القرض المعجّل بنسب متدنية جدًّا من الفوائد البنكية، وتكون على فترات زمنية طويلة للسداد، خاصة وأن نسب الفائدة التي تتقاضاها البنوك حاليًّا تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 80% (على 15 سنة) من قيمة المنزل الذي يشتريه المواطن، وهذه النسب المرتفعة يجب أن يكون للصندوق دور في إجبار البنوك على تقديم تنازلات عن الهوامش الربحية المرتفعة، إذا كانت هذه البنوك ترغب بالمساهمة الوطنية في حل مشكلة الإسكان.
المشكلة الكبرى التي سيواجهها القرض المعجّل، وسيصبح بسببها قرضًا «معطّلاً» وهو عدم توفر الوحدات السكنية التي تلائم سياسة الصندوق في الإقراض، إذا كان الصندوق سيفرض سياسته، واشتراطاته على الوحدات السكنية الملائمة للإقراض، وهو الأمر الذي سيؤدّي بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية الجاهزة.