قبل ما يزيد على ثلاثين عاماً صدر نظام بُلّغت به وزارة العدل والمحاكم التابعة لها وجهات الاختصاص الأخرى بأن يُطبق على الصكوك غير المذروعة النظام نفسه الذي يُطّبق على طلبات الاستحكام حتى لو كان الصك غير المذروع تقف على أرضه عمارة، ومذكور فيه من يحد تلك الأرض من جهاتها المختلفة، وكان ذلك النظام يهدف إلى وضع حد للتلاعب الذي كان يحصل في الصكوك غير المذروعة للأرض الواسعة التي يكون حدها الجبل والوادي ومجرى السيل! ومع ذلك طُبق النظام بصفة شاملة على جميع الصكوك غير المذروعة وأصبح من لديه صك غير مذروع صادر من المحكمة أو كتابة عدل مُطالبَاً بالاستفسار من عشر جهات بأنه لا اعتراض لها على ذرع صكه عن طريق مهندس المحكمة، واستمر هذا الإجراء ربع قرن ذرعت خلاله آلاف الصكوك في مكة المكرمة وغيرها من المدن ولكن بعض الذين لديهم عمائر بصكوك غير مذروعة وبعضها أوقاف لم يُبادروا إلى تصحيح صكوكهم حتى صدرت في عام 1428هـ توجيهات بوقف الاستحكامات في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفهم بعض القضاة أن الأمر يعني وقف ذرع الصكوك القديمة غير المذروعة ومنها الصكوك العثمانية مع أنها صكوك مسجلة في الدوائر الشرعية كما فهم قضاة آخرون الأمر على حقيقته وأن المقصود بالأمر الأخير هو وقف طلب الاستحكامات لمعاملات الإحياء ووضع اليد وليس وقف تنفيذ الأمر السابق للصكوك غير المذروعة وأدّى الاجتهاد ذو الأجر الواحد إلى حرمان المئات من أصحاب الصكوك غير المذروعة من الاستفادة من أوقافهم وأملاكهم على الرغم من أن بعض تلك المباني أصبحت خربة وتحتاج إلى إعادة تعمير أو آيلة للسقوط أو سقطت بفعل تداعي الزمن، وأن مواقعها في قلب أم القرى ومعظمها في حاراتها القديمة جداً وقد اطّلعت شخصياً على صك صادر عن محكمة مكة المكرمة بتاريخ 1320هـ ومُقام عليه وقف من عدة أدوار ومبانيه قديمة وقد ظهرت صورة المباني في المصورات الجوية التي التُقطت لمكة المكرمة عام 1386هـ ومع ذلك تم اعتبار ذلك الوقف المنشأ على أرض غير مذروعة المملوك بصك شرعي وكأنه موقع مطلوب إحياؤه وإصدار صك استحكام له وهذا يعني بموجب التوجيهات الأخيرة بعدم قبول طلبات الاستحكام أن آلاف الأراضي المملوكة بصكوك عثمانية مسجلة في المحكمة سوف تضيع لأنها عوملت معاملة الإحياء وصكوك الاستحكام التي أُوقفت منذ عام 1428هـ لذلك فإن المرجو من معالي وزير العدل الرجل الذي عُرف عنه إخلاصه وحيويته أن يُوجه بوضع حل مناسب يُعيد لأصحاب هذه الصكوك حقوقهم قبل أن يُحرم الورثة والمستحقون من حقوقهم وريع أوقافهم والله ولي التوفيق.
6 أبريل 2016