كان يا ما كان، عندما أنشئ صندوق التنمية العقاري، مضت الأمور بالتساهيل، وحصل كثيرون على قروض خلال فترة معقولة، ليس بالضرورة لأن عدد المحتاجين للقرض قليل، ولكن أيضا لأنه لم تكن هناك اجتهادات وفذلكة وتنظيرات تؤدي إلى تعقيد الأمور، وعندما بدأ الخير يتدفق مرة أخرى في الطفرة الأخيرة الضخمة لموارد الدولة واهتمامها الجاد بمشكلة السكن تنافس المسؤولون الموكل إليهم حل المشكلة بإضافة مزيد من التعقيد عليها ليتضاءل أمل المواطن إلى حد اليأس. أنشئت وزارة للإسكان وضخت الدولة في رصيدها مئات المليارات لو تم توظيفها برؤية جيدة وتخطيط متقن وتنفيذ عملي لأمكن حلحلة المشكلة بشكل ملموس، لكن الوزارة ــ للأسف ــ أضاعت الوقت وأهدرت المال في تخبطاتها لتصبح نموذجا صارخا للفشل. وكان من ضحايا هذا الوضع صندوقنا العتيد عندما دخل في دائرة التنظير الذي لم يستفد منه أصحاب الحاجة إلى دعمه.

قبل يومين، عقد صندوق التنمية العقاري مؤتمرا صحفيا عن آخر مبادراته التي أسماها «القرض المعجل»، وبالمناسبة فقد أشار مسؤولو البنك إلى أنه قد أطلق 15 مبادرة تذكرنا بمبادرات إنهاء النزاعات وإحلال السلام الفاشلة التي تتبناها الأمم المتحدة في الأوطان المنكوبة. يقول البنك إن هذه المبادرة الجديدة سوف تمكن 200 إلى 300 ألف مواطن من الحصول على قرض من البنوك التجارية سيتم الاتفاق على تفاصيله هذا اليوم عند الاجتماع مع ممثلي البنوك ووضع تصور للأرباح وآلية التنفيذ بأطر الشريعة الإسلامية (نود تنبيه الصندوق إلى أن البنوك تذبح وتسلخ الناس منذ وقت طويل تحت شعار التعاملات البنكية الإسلامية)، ومع أنه قرض معجل، إلا أن الصندوق يفيد بأنه لن يصرف للمقترضين دفعة واحدة، بل ستعاد جدولتهم وفق قوائم انتظار لتجنب إرباك السوق العقارية وتضخم الأسعار. يا حلاوتك يا صندوقنا العزيز، كيف يكون قرضا معجلا وفيه قوائم انتظار؟

وما دام البنك قد قدم مبادرات كثيرة، فإنني ــ كمواطن ــ أود تقديم مبادرة واحدة أنصح بها أي «متوهق» بالبنك مفادها: دبر نفسك واصرف نظر عن الصندوق.