6 يناير 2016
المتابع للأحداث لدينا يلاحظ مؤخرًا وبوضوح أن قرارات التعامل مع الإزالة لبعض المخالفات تتم في بعض الأحيان بسرعة كبيرة، ولكن بشروط معينة، في مقدمتها أن تنتشر المخالفة وتصل إلى مسامع المسؤول عبر وسائل مختلفة أهمها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُروَّج لها جيدًا، ثم تجد تفاعلًا كبيرًا من المجتمع، أو أن تتعلق المخالفة بشخصية معروفة أو مشهورة، أو أن تكون المخالفة ذات صلة بأحد الثوابت والأسس الموجودة في مجتمعنا.
هناك مخالفات موجودة منذ عشرات السنين، وهي على مرأى ومسمع كثير من الناس، بل وحتى بعض المسؤولين، ومنها تلك المخالفة التي أزيلت مؤخرًا في أحد الشوارع الرئيسة في مدينة جدة، فقد كُنَّا نراها منذ مدة طويلة، وكان المسؤولون المختصون يرونها، ولكن لم يتم التعامل معها إلا عندما تم الترويج لها والتفاعل معها من قبل المجتمع، فصدرت الأوامر بإزالتها فورًا.
بلاشك سعداء بإزالة تلك المخالفة، وأتمنى أن تُزال كافة المخالفات الموجودة اليوم بغض النظر عن هوية المخالف أو منصبه أو مستواه المادي، بنفس السرعة، وسنكون أكثر سعادة إن تم أيضا التفاعل بنفس الدرجة مع المخالفات الأخرى، والتي نراها كل يوم، سواء كانت على مستوى الحفر الموجودة في الطرقات أو طفح مياه الصرف الصحي في كثير من الأحياء، أو الاستيلاء على الأراضي والحدائق، وإغلاق الطرق وغيرها من مظاهر الفساد التي نراها ويراها المسؤولون المختصون كل يوم منذ عدة سنوات دون أن يتم إزالتها حتى الآن.
الإزالة أسهل من البناء، والمجتمع يفرح ويبتهج لإزالة المخالفات، وتكبر فرحته عندما تكون الإزالة سريعة، ولكن فرحة المجتمع تتواصل في وجود همّة للبناء توازي همّة الإزالة، وفي وجود حماس لإكمال المشروعات المتعثرة وإطلاق البرامج التنموية المتأخرة، والقيام بكل تلك المشروعات البنَّاءة بنفس السرعة التي تتم بها الإزالات المختلفة للمخالفات.
نعيش اليوم مرحلة جديدة، مرحلة تتسم بالحزم والجد والبناء، وتعتمد بشكل أساسي على التخطيط والمتابعة والإنجاز، لا على ردود الأفعال أو وسائل التواصل الاجتماعية، والتي ما زالت تؤكد يومًا بعد يوم حجم تأثيرها، وبأن لها دورًا فاعلًا في تحريك العديد من القضايا المختلفة، وفي إصدار بعض القرارات ومعالجة بعض المخالفات، والتي لم يتم معالجتها منذ عدة سنوات.