
بعد التطبيق الإلزامي لأنظمة التمويل ولوائحها التنفيذية في أواخر عام 2014، التي حددت الحد الأقصى للتمويل العقاري السكني من المصارف التجارية للأفراد عند 70%، ظهر تباطؤ واضح في نمو القروض العقارية الموجهة للأفراد، بلغ معدل هذا النمو أدناه العام المالي المنصرم 2015، بينما كان متوسط هذا النمو خلال الفترة التي سبقته منذ عام 2009 وفقاً لبعض المصادر يربو على 25% سنوياً، الأمر الذي أدى إلى أن تنشط قنوات التنسيق بين كل من مؤسسة النقد ساما ووزارتي المالية والإسكان، ليتمخض عن الجهود في هذا الشأن نشوء برنامج «الرهن الميسر» للتمويل العقاري السكني، الذي بموجبه خفضت مؤسسة النقد الدفعة المقدمة للحصول على تمويل سكني من المصارف، من نسبة 30% من قيمة العقار إلى 15%، ورفع الحد الأقصى للتمويل المقدم من المصارف، من 70% سابقاً، إلى 85% في الوقت الحاضر، وهو البرنامج الذي يهدف وفق البيان المعلن عن مؤسسة النقد إلى توفير أحد منتجات التمويل العقاري السكني، التي تسهم في تحقيق الأهداف الوطنية لسياسة التمويل العقاري، إلا أنها في ذات الوقت لا تخل بمتطلبات سلامة القطاع المصرفي أو الاستقرار المالي، حيث يتضمن البرنامج قيام المستفيد بتوفير دفعة مقدمة بمقدار 15% من قيمة العقار السكني، على أن تتاح الفرصة للمصارف التجارية، الراغبة في تمويل العقار بمقدار 70% من قيمته أن ترهن المسكن مقابل ذلك، وفقاً لنظام الرهن العقاري، إضافة إلى أن المصرف يقدم تمويلاً آخر بمقدار 15% مقابل ضمان من وزارة المالية، ليصبح إجمالي التمويل السكني من المصارف بنسبة 85% من قيمة المسكن.
إن التباين في ردود الفعل ووجهات النظر حيال هذا البرنامج الذي طرحته مؤسسة النقد مهما تباعدت رؤاها يجب ألا تحجب عنا حقيقة أن هذا البرنامج يأتي ضمن إطار سياسات الدعم الحكومي للطلب في قطاع الإسكان وذلك من أجل رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن، إلا أن هذا الدعم للطلب لا يمكن أن يؤتي ثماره على النحو المطلوب ما لم يقابله على الجانب الآخر دعم للعرض، سواء عبر تقديم قروض طويلة الأجل أو أراض للشركات المستثمرة بمشروعات الإسكان، أو إعفاء من الرسوم الحكومية المرتبطة بهذه المشروعات من استقدام أيد عاملة أو مواد بناء ومعدات أو خلافها من وسائل الدعم الأخرى، التي تمكنهم من توفير منتجات سكنية اقتصادية تناسب مختلف الشرائح من المواطنين، وتجعلهم في سبيل امتلاك تلك المنتجات السكنية قادرين على تحمل تكاليف التمويل لشرائها، وعدم اضطرارهم لاستقطاع قدر باهظ من دخلهم لامتلاك مسكن على حساب متطلبات أسرهم الأخرى المعيشية أو الصحية أو التعليمية أو خلافها.