خلال الأيام الماضية سمعنا جميعا لمعالي وزير الإسكان، الاستاذ ماجد الحقيل، تصريحات تتحدث عن عودة الانتعاش للقطاع العقاري قبل منتصف السنة بالإضافة إلى نفي استثناء أي أرض من قانون رسوم الأراضي. أشد على يد الوزير بهذا التوجه الاستراتيجي المهم فهذه التصريحات تعتبر بكل وضوح مرتبطة بأعمال ووظائف قطاع التطوير العقاري والتشييد والبناء، وليست كما صورها البعض بأنها من أجل أسعار الأراضي، ولكن لماذا نراها تخرج من وزارة الإسكان؟
انتعاش القطاع العقاري ليس من المفترض أن يكون من مسؤولية وزارة الإسكان لأنه أمر اقتصادي بحت ويحتاج إلى إدارة مباشرة من الجهة الحكومية المعنية بذلك وهي مجلس الاقتصاد والتنمية عن طريق وزارة الاقتصاد والتخطيط. ولكن نظرا إلى أن مهام إدارة الاقتصاد لم يتم نقلها إلا حديثا إلى وزراة الاقتصاد والتخطيط، يقوم المجلس الاقتصادي حاليا بتنفيذ الخطط التوسعية للقطاع العقاري عن طريق وزارة الاسكان موقتا، وهو ما شهدناه من موافقة المجلس الاقتصادي على خطط ورؤية وزارة الإسكان التي قدمت له خلال الفترة الماضية في عدة اجتماعات سابقة للمجلس.
انتعاش القطاع العقاري ليس بالأمر السيئ كما يصوره البعض هداهم الله، بل هو أمر مهم جدا، ليس فقط للقطاع نفسه ولكن للاقتصاد السعودي بشكل عام، فقد كان المفترض ان يبدأ توسع القطاع منذ عدة سنوات عندما رصد له 250 مليار ريال. هذا صحيح أيها القارئ، لم يكن من المفترض أن تصل صعوبة الحصول على المسكن لوضعها الحالي، ولم يكن من المفترض أن يمر القطاع بانكماش الأعمال الذي يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد في وقت تتقلص فيه الميزانية الحكومية بفعل هبوط أسعار النفط.
لهذا أسعدني جدا سماع تصريحات الوزير الإيجابية للقطاع والاقتصاد وزادني ثقة بمستقبل اقتصادنا تبني المجلس الاقتصادي لخطة التوسع الاقتصادي المعتمدة على المشاركة مع القطاع الخاص بعيدا عن الاعتماد على النفط. في نفس الوقت، نتمنى ان نرى سريعا لوزارة الاقتصاد والتخطيط دورا فاعلا في إدارة الاقتصاد، فجميع ما نشاهده الآن من جهد مبذول من الوزارة منصبا على التخطيط فقط، في حين ان دورها الاقتصادي يعتبر أهم حاليا بشكل لا يسمح بالتأجيل خاصة مع تغير خطة التوسع الاقتصادي الحكومية.
كان المفترض، منذ إعلان الميزانية المباركة لسنة 2016م، أن تقوم وزارة التخطيط بتأسيس مكتب متخصص في الوزارة يعنى بإدارة الاقتصاد بحيث يكون دوره متابعة نمو القطاعات والعمل على وضع خطط عاجلة لمعالجة التشريعات فيها لكي يكون دورها مساندا في عملية التوسع الاقتصادي في القطاع الخاص. وبشكل أكثر تحديدا، من المفترض أن تقوم الوزارة بمتابعة القطاعات المتوقع انكماشها والقيام بإجراءات تساهم في خفض حدة الانكماش وإعادتها للتوسع، ومتابعة القطاعات التي سيضعف نموها للقيام بإجراءات تساهم في المحافظة على نموها وزيادة توسعها.
عل سبيل المثال، قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة والجديدة ستتأثرا سلبا بسياسة التوسع الجديدة وارتفاع الاسعار المتوقع، فالحاضنات لن تساهم في استمرار هذه المؤسسات وديمومتها. من المفترض أن تدعم الوزارة بقوة رغبة هيئة السوق المالية بإنشاء سوق إضافي لإدارج وتداول هذه المؤسسات لكي تحصل على التمويل المناسب لتوسعها ونموها وديمومتها. وكمثال آخر، دعم خطط السعودة عن طريق تعديل التشريعات في التخطيط الحضري للمدن والحد من الإغراق في قطاع التجزئة الذي تسيطر عليها حاليا العمالة الأجنبية.
نعم، يحتاج الاقتصاد بشكل عاجل من وزارة الاقتصاد والتخطيط أن تفعّل دورها الاقتصادي فهناك أمور كثيرة تحتاج لمتابعة ومعالجة سريعة وإدارة حازمة وعازمة لنحقق رؤية قادتنا حفظهم الله.