أشار التقرير الإحصائي الصادر عن وزارة الاقتصاد السعودية، والمختص بمعدلات الإنفاق والدخل للأسر السعودية وغير السعودية التي تسكن المملكة العربية السعودية، بأن متوسط الإنفاق الشهري الأسري في المملكة على السلع يُعادل 11.522 ريال، أما الأسر السعودية فيبلغ متوسط إنفاقها الشهري 15.367 ريالاً.
تشير هذه الأرقام الصادرة عن المسح الإحصائي، إلى أن متوسطات الإنفاق الشهرية قد ارتفعت لدى الأسر السعودية بين العامين 2007 و 2013 بمعدل يتجاوز 17%, أما على سبيل الدخل الأسري الشهري فإن متوسط الدخل الشهري للأسر في المملكة بحسب هذا الإحصاء بلغ 10.723 ريالاً لإجمالي الأسر التي تسكن البلاد، في حين أن متوسط الدخل الشهري للأسر السعودية فقط بلغ 13.610 ريالات، وهذا يُمثّل انخفاضاً بمتوسط الدخل الأسري بين فترتي المسح العام 2007 والعام 2013 بمعدل 2.3%.
ارتفاع الإنفاق الشهري للأسر بالوقت الذي شهد الدخل الأسري ثباتاً نسبياً خلال نفس فترة المسح، يشير إلى تزايد وتيرة ارتفاع التكلفة المعيشية على الأسر في المملكة خصوصاً أن متوسط عدد أفراد الأسرة في المملكة كان في العام 2007 ما عدده 6.2 فرد، وارتفع بنهاية المسح الأخير ليبلغ متوسط تعداد أفراد الأسر في المملكة 6.7 فرد.
قسّمت الدراسة فئات الإنفاق على 12 فئة، وتستقطع فئات الإنفاق الثلاث الكبار ما نسبته 60% من إجمالي الدخل الأسري الشهري، فالسلع والخدمات الشخصية المتنوعة تستقطع 21.2% من الدخل الأسري، ويستقطع السكن والكهرباء والمياه ما يعادل 20.7% من الدخل الأسري، وثالثاً فإن الأغذية والمشروبات تستقطع ما يمثّل 17% من إجمالي الدخل الأسري الشهري, أما لو أُجري هذا المسح مره أخرى فمن المتوقع أن ترتفع نسب الاستقطاع الشهري من الدخل الأسري لصالح الفئات الثلاثة الرئيسة بسبب التغير في طبيعة الأسعار وتكاليف المعيشة إن كان من التضخم الذي شهد قفزة في قراءته الأخيرة، وكذلك بسبب التغير في طريقة التسعير للخدمات المقدمة كهرباء, مياه ووقود.
تحت ضغط التكاليف المعيشية والثبات النسبي لمستويات الدخل لدى الأسر في المملكة، بدأ هاجس التملك يزداد صعوبة عن ذي قبل وكذلك سبل تمويل تملك المساكن أصبح أكثر صعوبة، بالإضافة إلى أن قياس مخاطر التعثر في السداد واحتمالات ارتفاع نسبة الفوائد بسبب التغيرات الحالية أصبح أمراً وارد الحدوث خلال الفترات القادمة متى اضطرت مؤسسة النقد العربي السعودي لزيادة أسعار الفائدة في المملكة.
سابقاً، اتجهت ساما إلى وضع دفع مقدمة على التمويل العقاري بنسبة 30% من قيمة التمويل العقاري المطلوب لمواجهة أي مخاطر قد يتعرض لها المقرض والمقترض ذلك قبل أن تعلن المؤسسة ووزارة الإسكان الأسبوع الماضي توصلهم إلى اتفاق يسمح للبنوك أن ترفع نسبة التمويل العقاري إلى 85% من قيمة العقار بجعل وزارة المالية ضامناً لـ 15% من التمويل المقدم أو نصف الدفعة المقرة سابقاً كأحد سبل التيسير في الحصول على التمويل العقاري، وبالتالي تسهيل مقدرة الفرد أو الأسرة على تملك مسكن.
بعد هذا التغيُّر في النظام، وأخذاً في الاعتبار متوسطات الدخل الشهرية للأسر في المملكة العربية السعودية، فإنه أصبح بمقدور الأفراد الحصول على تمويل عقاري قدرة 995.000 ريال بعد توفير دفعه أولى تقدر بـ 175.000 ريال، وهذه القيم تجعل إجمالي ما يمكن للأسر دفعه لتملك مسكن 1.170.000 ريال بمقابل تنازل الأسرة عن 50% من دخلها الشهري دون أن يكون لديها أي التزامات أخرى.
ويبقى السؤال، ما الذي سيجبر الأسر على التنازل عن جزء من احتياجاتهم الشهرية لأجل تلبية تكلفة تملك مسكن خاص؟.. وهل سيكون لتخفيض الدفعة الأولى أثر في قدرة تملُّك الأسر ذات 6 أفراد على تملك مسكن يلائم احتياجاتهم؟! فإن متوسط تكلفة المنازل بالمساحات بين 300 و 350 متراً أصبحت تتراوح اليوم بين 1,3 و 1,7 مليون ريال وهذه أرقام أعلى من مقدور متوسط الأسر في المملكة.
كنت أتمنى أن تتجه الوزارة إلى تعديل أنظمة البناء بما يتماشى مع القدرة الشرائية لدى الأسر، ونشر خطط العمل التي تقوم عليها. الوزارة اليوم قبل أن تتجه إلى تسهيل الحصول على التمويل بمقابل فئات المساكن المعروضة حالياً والأسعار السائدة والتي بدورها سترفع من المستقطع من الدخل لصالح التملك وستزيد من ضغط التكاليف المعيشية على الأسر المقترضة. لو علم المجتمع فئات ما ستدفع الوزارة لتوفيره من مساكن لأصبح بمقدور الأسر أثر القرار إما بالإقدام اليوم على المعروض أو انتظار ما تعمل عليه الوزارة حالياً بدلاً من جعل الاقتراض ومواجهة الضغط التمويلي والمعيشي الخيار الأوحد.