
ينعم القطاع العقاري السعودي اليوم بكثير من المزايا التي كان يفتقدها في السابق، هذه المزايا لطاما كانت مطلباً ملحاً، وصل إلى درجة الحلم لدى العقاريين والمختصين والمهتمين على مدى العقود الماضية، وأصبح الحلم حالياً حقيقة على أرض الواقع، يراها الجميع، القاصي والداني. فاليوم لدينا وزارة للإسكان، مهمتها الأساسية، حل أزمة السكن، ولدينا أيضا صندوق التنمية العقاري، الذي يستعد للتحول إلى مؤسسة تمويلية قريباً، تعمل وفق أسس وآليات تعزز الخدمات المقدمة، وتزيد من أعداد المستفيدين من التمويل السكني، ويضاف إلى ذلك، أن لدينا حزمة من القرارات الشجاعة، التي ستغير قطاع العقار السعودي رأساً على عقب، وفي مقدمتها قرار تحصيل رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، ورغم كل هذه المزايا، فمازال القطاع في حاجة إلى جهة حكومية متخصصة، تُعنى بشؤونه وترعى مصالحه وترتب أوراقه، فخطأ كبير أن قطاعاً، مثل العقار، تصل استثماراته نحو تريليوني ريال، لا توجد له جهة واحدة مسؤولة عنه، ويكفي القول إن أي خلاف أو إشكالية داخل القطاع، تتنازعها جهات عدة، مثل وزارات الإسكان والتجارة والبلديات والغرف التجارية، وهذا يذكرنا بالطلب القديم الملح والعاجل، الذي نادى به عقاريون ومختصون منذ عقود مضت، بإيجاد استراتيجية واضحة لقطاع العقار، وقالوا إن من متطلبات هذه الاستراتيجية، تخصيص هيئة عليا للعقار تقوم على أمر القطاع.
لا يخفى على الجميع أن الدولة حريصة في هذه الفترة على حل أزمة السكن في أسرع وقت، وهي التي أقدمت على إضافة هذه المزايا إلى القطاع العقاري خلال الفترة الماضية، ولا أشك لحظة واحدة في أن الدولة على استعداد تام لتلبية أي مطالب أخرى، من شأنها أن تسرع من وتيرة حل أزمة السكن، واستكمال الصورة لإنشاء قطاع عقاري نموذجي، ومن هنا أدعو العقاريين والمختصين وكل من له شأن في القطاع، كما أدعو أعضاء مجلس الشورى إلى إعادة طرح المطلب القديم، بإنشاء هيئة عليا للعقار، وتكليف المختصين بإدارتها، شريطة أن يكون هؤلاء المختصون من العقاريين الملمين بأحوال السوق وتوجهاته.
ومن أهم فوائد إنشاء هيئة عليا للعقار التي وافق عليها مجلس الوزراء ضمن توجهات وزارة الاسكان الجديدة، العمل على توجيه جهود القطاع إلى هدف أو أهداف معينة، وعدم بعثرة هذه الجهود تارة على مصالح شخصية وأخرى عامة، وهذا ما يعاني منه القطاع هذه الأيام، فكل العقاريين يعملون وفق مصالحهم الشخصية، وما يحقق لهم ما يطمحون فيه، وهذا أمر طبيعي، لعدم وجود رؤية استراتيجية للقطاع، توحد الجهود، وتوجهها صوب مصالح عامة، يستفيد منها العقاري والمواطن في آن، وأعتقد أن الفرصة مواتية اليوم أكثر من الأمس للاستفادة من التوجهات الجديدة للهيئة الوليدة، خاصة أنها في الاساس، ولدت من نواة التطوير وتأسيس مركز المطورين في الوزارة الذي سيكون البداية للهيئة، والتي بدورها ستتولى تنظيم القطاع.