كلمة خادم الحرمين الشريفين بحضور وزير الإسكان ومجموعة من رجال الأعمال، التي جاء من ضمنها أن “سكن المواطن وحياته حياة كريمة محل اهتمامه الشخصي” اختصرت كثيرا من المعاني التي جاء في جملة تحمل معاني واضحة لكل مسؤول واطمئنانا للمواطن، ولا شك أن السكن والاستقرار أحد أهم ما يحقق للمواطن الحياة الكريمة، فاضطرار المواطن إلى الاستئجار لمدة طويلة في وحدات سكنية قد لا تكفي حاجته وأسرته خصوصا عندما يزيد عدد الأسرة، أمر قد يكون فيه مشقة وتكلفة عليه إضافة إلى عدم استقراره وأسرته.
ظروف السكن للمواطنين في المملكة واجهت مجموعة من التحديات التي أثرت كثيرا في قدرة المواطن على تملك السكن في بداية تكوين أسرته، حيث إنه مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان، والارتفاع الكبير في أسعار الأراضي في المدن الكبيرة كان أحد أهم الصعوبات التي تواجه المواطن في تملك السكن، إضافة إلى الزيادة في تكلفة البناء أصبح أيضا من الصعوبات التي لا تقتصر على حالة المواطن في المدن الكبيرة بل حتى في المدن الصغيرة التي غالبا ما يكون فيها سعر الأرض مناسبا أو رخيصا. كما أن الظروف المعيشية وارتفاع تكلفة كثير من السلع والخدمات والتغير في نمط المعيشة لدى المواطن جعلت من توفير مبلغ مناسب شهريا لشراء السكن أمرا فيه شيء من الصعوبة.
الحقيقة أن موضوع تمكين المواطن من تملك السكن أمر لا يرتبط فقط بوزارة الإسكان، إذ إن وزارة الإسكان يمكن أن تهيئ الظروف للبعض لتملك سكن مناسب، ولكن توجد جهات أخرى أيضا منوط بها الإسهام في معالجة هذه المشكلة التي تواجه المواطن.
تعاقب مجموعة من الوزراء في وزارة الإسكان بعد أن تحولت من هيئة للإسكان إلى وزارة وتنوعت خلالها الأطروحات فيما يتعلق بالحلول لمشكلة السكن وتم خلالها تقديم دعم كبير لهذه الوزارة سواء بمخصصات مالية ضخمة أو بتخصيص مساحات واسعة من الأراضي حتى في المدن الكبيرة.
هذا الدعم الكبير يؤمل منه تمكين معظم المواطنين من الحصول على سكن في فترة وجيزة أو معقولة، خلال الفترة الماضية لم تتمكن الوزارة من تحقيق نسبة عالية من الإنجاز وما زالت المعالم غير واضحة للمواطن عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة في هذا الشأن، والإشكال الحالي يكمن في أن الوزارة بدأت في تغيير نوع البرامج التي تمكن المواطن من الحصول على سكن، حيث إنه في الفترة السابقة كان يعتمد على أن يتم إقراض المواطن قرضا حسنا دون فوائد لبناء السكن، والمتوقع أن الوزارة قد توقف الطلبات الجديدة لهذا البرنامج لتتحول إلى برنامج جديد يقوم على توفير السكن للمواطن بسعر مناسب ليوفر عليه صعوبات تتعلق بتملك الأراضي.
لا شك أن مسألة السكن من الأمور المعقدة، والصعوبات لحل مثل هذه المشكلة تكمن في مجموعة من الأمور التي تبدأ بأول خطوة فيما يتعلق بالتشريعات والتنظيمات الخاصة به، ومن ثم التنفيذ وبعد ذلك التوزيع، التي قد تستمر مدة طويلة لا يتحملها المواطن الذي يواجه صعوبات حاليا في توفير السكن، ولذلك لا بد من أن تتنوع الحلول بما يمكن المواطن من تلمس أثر برنامج الوزارة، ومن المقترح تقديم برامج متنوعة تستهدف شرائح مختلفة من المواطنين ومن ذلك استمرار برنامج التمويل الذي سيخفف على الوزارة كثيرا في برنامج التنفيذ للوحدات السكنية، حيث يستهدف هذا البرنامج المدن المتوسطة والصغيرة التي لا يعاني فيها المجتمع ارتفاع الأسعار للأراضي مع وجود إمكانية لتقدم منح الأراضي في تلك المناطق للمواطنين، كما يمكن أن يكون هناك برنامج بالتنسيق مع المصارف وجهات التمويل يستهدف شريحة الأسر الكبيرة أو الأشخاص الذين قاربت أعمارهم 40، حيث يتم تمويلهم عن طريق المصارف وتتكفل الوزارة بدفع تكلفة الربح الذي ستحصل عليه المصارف، حيث تتمكن هذه الشريحة من الحصول على السكن بصورة عاجلة، والشريحة الثالثة وهي لفئة الشباب الذين ما زالوا في بدايات تكوين الأسرة وليس لديهم عدد كبير من الأطفال، وهذه الفئة بالإمكان أن تنتظر لمدة متوسطة، حيث يتم بناء وحدة سكنية له وتسليمها حتى لو كانت المدة تصل إلى خمس سنوات، مع الأخذ في الاعتبار وجود شيء من المرونة في اختيار البرنامج المناسب من قبل المواطنين لأي من الشرائح السابقة مع جعل الأولوية للفئة المستهدفة قدر الإمكان.
فالخلاصة أن كلمة خادم الحرمين الشريفين أن السكن والحياة الكريمة للمواطن محل اهتمامي الشخصي اختصرت كثيرا من المعاني التي دائما ما ينشدها المواطن، والسكن لا شك أنه من أهم عناصر الاستقرار، والحاجة إلى أن يكون لدى الوزارة تنوع في الخيارات أمر مهم لتمكن المواطن من الحصول على سكن بالآلية المناسبة له.