يعد مؤشر ميرسر لتصنيف المدن Mercer Quality of Living Ranking من أبرز التصنيفات على مستوى العالم، وعلى الرغم من أنه في الأساس موجه لخدمة الشركات متعددة الجنسيات، إلا أنه مفيد جدا للمؤسسات الحكومية وأمانات المدن إلى جانب تلك الشركات العالمية. ويقوم هذا المؤشر على تقييم 231 مدينة في مختلف الدول والقارات، وذلك بناء على 39 معيارا أو عاملا، وتشمل عوامل سياسية، واقتصادية، وبيئية، إلى جانب السلامة الشخصية، والصحة، والتعليم، والنقل، والخدمات العامة.
وعلى الرغم من أنه يستفيد من مصادر بيانات متعددة، إلا أنه يعتمد على مسح شامل يجرى سنويا لمساعدة الشركات العالمية متعددة الجنسيات من أجل نشر موظفيها وتعويضهم عند نقلهم للعمل في أي مدينة من المدن الرئيسة في العالم.
وفي هذا العام يُوفر مؤشر ميرسر ترتيبًا مستقلا للمدن خاصا بالسلامة الشخصية Personal Safety إلى جانب المؤشر الرئيس، وذلك بناء على تقييم الاستقرار الداخلي للمدن، ومعدلات الجريمة، وكفاءة تطبيق القوانين والأنظمة Law Enforcement ومستوى الحريات الشخصية، والعلاقات مع الدول الأخرى، وكذلك حرية الصحافة، وكما هو معروف، فإن السلامة الشخصية تُعد حجر الأساس لاستقرار المدينة الذي دونه لا يمكن أن يزدهر الاستثمار وتجتذب المواهب.
وبناء على مؤشر السلامة الشخصية، احتلت مدن أوروبا الغربية الصدارة، فجاءت في المقدمة مدينة لوكسمبورج التي يطلق عليها مدينة “السلامة الشخصية”، وتليها كل من هلسنكي وبازل وبرن وزيورخ. أما أسفل القائمة، فكانت من نصيب مدينة دمشق التي احتلت المرتبة 231.
ومن منطلق أن فهم جودة المعيشة أو الحياة مكون أساس في جاذبية المدن للأعمال التجارية وجذب المواهب والكفاءات البشرية المميزة، يُظهر مؤشر ميرسر أن هناك مدنا عديدة في العالم توفر البيئة المناسبة للأعمال التجارية. لذلك يساعد مؤشر ميرسر المدن المختلفة في تقييم العوامل التي يمكن أن تُسهم في تحسين تصنيف جودة المعيشة بها من جهة، ويوفر للشركات على المستوى الدولي خيارات كثيرة للاستفادة منها في نشر موظفيها أو تأسيس أعمال تجارية جديدة من جهة أخرى.
وبناء على تصنيف ميرسر للجودة المعيشة لعام 2019 تتربع فيينا على قمة القائمة على مدى السنوات العشر الأخيرة، وتليها زيورخ، وفانكوفر، ثم ميونخ في ألمانيا، وأوكلاند في نيوزيلندا.
ومن اللافت للنظر غياب المدن الأمريكية من المراكز الأولى، فقد احتلت سان فرانسيسكو المرتبة الـ (34) وهي الأفضل بين المدن الأمريكية، وجاءت بعدها بوسطن (36) ثم نيويورك (44).
أما على المستوى العربي، فقد جاءت مدينة دبي في المرتبة الأولى عربيا والمرتبة الـ (74) عالميا، وجاءت بعدها مدينة أبوظبي في المرتبة الثانية عربيا والمرتبة (78) عالميا، ثم مسقط الثالثة عربيا و110 عالميا، أما الرياض، فقد احتلت المرتبة الرابعة عربيا، لكنها جاءت في المرتبة (164) عالميا، وبالمثل جاءت القاهرة في المرتبة الخامسة عربيا و(177) عالميا، وفي ذيل القائمة، جاءت صنعاء في المرتبة (229) واحتلت بغداد المرتبة الأخيرة في القائمة، أي المرتبة (231).
في الختام أدعو أمانات المدن العربية إلى دراسة معايير هذا المؤشر وغيره من المؤشرات المماثلة، ومن ثم العمل على تحسين العوامل ذات الصلة بجودة المعيشة في المدن العربية من أجل جذب الاستثمارات والمواهب العالمية، مع التركيز على العوامل المؤثرة في السلامة الشخصية، كونها العامل الأهم في جذب الأعمال التجارية والاستثمارات التي تسهم بدورها في ازدهار المدن ونموها الاقتصادي من خلال التوظيف وتحفيز التطوير في البنية التحتية.