تكهنات عديدة وحالة من التأرجح تشهدها شركات التطوير العقاري بسبب احتمالية حدوث انخفاض في أسعار الوحدات السكنية والأراضي بالسعودية، إلا أن كل المعطيات تشير إلى أن كل شيء يحدث على خلاف التوقعات، خاصة مع عزم عدد من شركات التطوير العقاري تعليق خطط التوسع في مشاريعها السكنية الجديدة بغرض إعادة تقييم تكلفة هذه المشاريع، نتيجة ندرة اليد العاملة وارتفاع أجرتها، إلى جانب ارتفاع أسعار بعض مواد البناء الأساسية، وحالة الترقب للتأثيرات الإيجابية أو السلبية التي قد تنتج عن إصدار أي أنظمة حكومية جديدة,وهو ما سيؤدى إلى موجة من الارتفاعات قد تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة بحسب توقعات لمطورين عقاريين.
وتواجه شركات التطوير العقاري في الوقت الراهن صعوبات كبيرة في استقدام العمالة نظير الشروط والإجراءات الحكومية التي تهدف إلى ضبط تدفق القوى العاملة الوافدة ورفع تكاليف استقدامها، الأمر الذي أدى إلى حدوث ارتفاع كبير في تكلفة خدمات العمالة الإنشائية المتوفرة حالياً في السوق، وهي أحد أبرز التكاليف التي لا تستطيع هذه الشركات تحمل أعبائها، ما دفعها إلى تعليق مشاريعها التوسعية إلى أن يتم الانتهاء من تقدير كل التكاليف.
فيما أكد المهندس حسام الرشودي، الرئيس التنفيذي لشركة مسكن العربية، أن شركات التطوير العقاري أصبحت مجبرة من قبل وزارة العمل على الاتفاق مع شركات الاستقدام المرخصة لتغطية العجز في العمالة بنظام التأجير، والذي ساهم بدوره في حدوث ضغوط سعرية على المشاريع السكنية الجديدة، نتيجة الرسوم والدفعات المقدمة والعمولات الاضافية التي تفرضها هذه الشركات ,وهذه التحديات والتكاليف الجديدة ليست مقتصرة على شركات التطوير العقاري بل تمتد لتشمل كل الشركات العاملة في قطاع البناء والتشييد ومنها الشركات المتخصصة في مواد البناء، والتي اضطرت إلى رفع أسعار منتجاتها نتيجة هذه الضغوط ولتغطية تكاليف الإنتاج وتحقيق هامش ربحي مناسب، والمشاريع السكنية الجديدة المخطط لبنائها من قبل شركات التطوير العقاري ستعتمد من الأن وصاعداً على الوضع الجديد للتكاليف الإضافية، ما يرجح أن السوق العقاري المحلي لن يشهد أية تراجعات سعرية خلال العام الحالي نظرا إلى استمرار وجود المبررات لتلك الارتفاعات المستمرة.
وأضاف الرشودى : هناك أمنيات وتوقعات بإنخفاض أسعار العقارات، غير أن المشهد الحالي في السوق يسير بعكس هذا الاتجاه، الأمر الذي يتطلب تدخل الجهات الحكومية لدعم ومساندة شركات التطوير العقاري للمساهمة في خلق توازن في معادلة العرض والطلب، وبالتالي التأثير على الأسعار, وشركات التطوير العقاري مضطرة إلى إعادة تقييم تكلفة مشاريعها السكنية الجديدة لمواجهة وتغطية مثل هذه التكاليف التي ستدخل في التكلفة النهائية للمنتج العقاري، ما يعني أن الكثير من المشروعات تتجه إلى التعليق وإرجاء التسليم لفترة لا يمكن التنبؤ بمدتها الزمنية، وهو الأمر الذي سيحدث معه شح إضافي في المعروض مع زيادة في الطلب.
وتابع: “خلال السبعة أشهر المقبلة قد يكون هناك عرض جيد من الوحدات السكنية الجديدة التي ستقوم بتسليمها شركات التطوير العقاري، نتيجة أن العمل على هذه المشاريع قد بدأ قبل نحو عام ونصف ووصل إلى مرحلة الاكتمال وتم تحديد أسعار بناء هذه المشاريع على التكلفة في ذلك الحين، لكن أزمة شح المعروض ربما قد تظهر في نهاية العام بسبب نية الشركات وقف البناء في المشاريع الجديدة إلى حين الانتهاء من تقدير التكاليف الجديدة ومعرفة ما إذا كان السوق قادراً على التجاوب مع مثل هذه الزيادات، الأمر الذي قد يساهم في ارتفاع الأسعار خلال العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة”.
ولفت الرشودي إلى أن من الأسباب الأخرى التي دعت شركات التطوير العقاري إلى التوقف عن بدء البناء في مشاريعها السكنية الجديدة حالة الترقب لقانون الرسوم على الأراضي، والذي ليس من الواضح حتى الأن عن ما إذا كان سيتم إقراره بالفعل وما هي الآليات والشروط التي سيفرضها هذا النظام، مما يصعبّ على الشركات التنبؤ بالأسعار خلال المرحلة المقبلة أو القدرة على تحديد كلفة المشاريع المستقبلية.
وندرة اليد العاملة وارتفاع أجرتها وتكاليف البناء الباهظة ليست العائق الوحيد الذي يواجه شركات التطوير العقاري، بحسب المهندس حسام الرشودي، فأسعار الأراضي البيضاء وعدم توفر حلول تمويلية مناسبة، تمثل المشكل الأساس الذي يقف حجر عثرة أمام حصول المواطن على المسكن الميسر والمناسب له ولأسرته، كما أنها تمثل تحدياً كبيراً أمام المستثمرين أيضا في هذا المجال.
وعن ما إذا كان فرض الرسوم على الأراضي البيضاء في حال إقراره قد يساهم في انخفاض الأسعار، أشار المهندس الرشودي، أن هذا القرار سيساعد على خفض أسعار الأراضي وتحديداً الواقعة خارج النطاق العمراني، لكنه شددّ على صعوبة التكهن بأي سيناريو متوقع لحين معرفة الإجراءات المنظمة لهذه الرسوم,ولم يستبعد لجوء شركات التطوير العقاري إلى ابتكار منتجات جديدة خلال السنوات المقبلة تتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلكين، وقد تتجه الشركات للتركيز على الشقق السكنية والفلل ذات المساحات الصغيرة.
المصدر :جريدة الرياض