البلوك السكني أو المجاورة السكنية الصغيرة هي الخلية الأولى للمدينة الأوروبية يتخذ البلوك السكني أشكالاً مختلفة إما شكل مغلق أو شبه مفتوح أو مفتوح … إلخ . يعتبر تاريخ البلوك السكني المدخل لتاريخ المدن فكل مدينة تحدد شكل بلوكاتها السكنية تبعاً لخصائصها .
في عام 1977م قام كاستسك وديبول وبانيريه بإصدار كتاب عن التشكيلات الحضرية (من البلوك السكني إلى العمائر السكنية المستطيلة الشكل) الكتاب يبين كيف أن البلوك السكني كان يتبع الاستعمالات الناشئة عن القيم الاجتماعية بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية.
في السابق كان البلوك السكني يمثل مجموعة من المباني المتراصة بترتيب يؤمن لكل قطعة تكوين فراغي خاص . الكتاب كان يوضح كذلك كيف تم رفض البلوك السكني التقليدي كونه لايتلائم مع المتطلبات الحديثة لتخطيط المدينة.
في القرن العشرين أصبح البلوك السكني في وسط نقاش تخطيط المدينة لأنه يمثل الخلية الأولى للمدينة ، فالتصميم القديم للبلوك السكني لم يكن ملائما من وجهة نظر المخططين نتيجة لأشكال تخطيطه وإهمال الأفنية الخلفية وكان يهتم فقط بالجهة المطلة على الشوارع.
بدأ من هنا التوجه لجمع الأفنية الخلفية وتكوين فناء كبير منها يمكن زراعته وتنسيقه بحيث تصبح فضاءً عاماً جميلاً يمكن الإطلالة عليه، بهدف رفع مستوى تخطيط المدينة وإزالة التخطيط العشوائي الذي نشأ نتيجة لإهمال الأجزاء الخلفية . تطور التخطيط ليحرر المباني من ارتباطها بحدود الشوارع وشبكات الطرق فيتم ترتيب وتوزيع المباني بطريقة حرة تأخذ في إعتبارها توفير الأضواء التهوية للمباني من خلال عدم تلاصق المباني فيما بينها وتوفير مساحات مفتوحة كبيرة للحدائق والملاعب من خلال البناء الرأسي (الأبراج والعمائر).
كان التخطيط الجديد مرتب على النحو التالي :
ـ في المستوى الأرضي تقع الطرق.
ـ في المستوى الأرضي والأول تقع مواقف السيارات.
ـ فوق مواقف سيارات تقع حركة المشاة والمحلات.
ـ على مستويين فوقها تقع المكاتب والأنشطة.
ـ يعلوها مباني رأسية تقع فيه الوحدات السكنية.
لكن هذا التخطيط ما لبث أن تم نقده وقد يعزى ذلك للمعماري الدو روسي الإيطالي من خلال كتابه عمارة المدينة الذي نشر عام 1966م بالنسبة لروسي عمران الفضاء ليس استعماراً للأرض ولكنه فضاء يتكون من تشكيلات بنائية لها قيم اجتماعية وجذور تاريخية لايجب إهمالها ولايجب أن يهتم التخطيط بالنواحي الوظيفية فقط فحتى النواحي الوظيفية هي متطورة ويمكن أن يتم تغيير وظيفة المباني حسب تطور الوظائف، هذه الأفكار شكلت إلهاماً لكثير من الباحثين وأظهرت العلاقة بين التصميم المعماري للمباني وتخطيط المدينة. تناول الشكل المعماري للمدينة أدى إلى ملاحظة الأهمية الكامنة للفضاء العام والاهتمام برسمه قبل رسم المباني. كما بينت الدراسات أن الشارع يلعب دوراً هاماً في رسم الفضاء العام وتنظيم المباني داخل الفضاء العام ومن هنا جاءت العودة مرة أخرى إلى ارتباط المباني
(حدود المباني) بخطوط الطرق.
في هذه المرحلة الجديدة أو الثالثة لتشكيل المجاورة السكنية (البلوك السكني) أصبح على المخطط أن يأخذ في الإعتبار ليس فقط الشكل الأول للبلوك السكني التقليدي وليس فقط الشكل الذي تلاه الذي اتسم بتحرير المباني عن شبكة الطرق بل أصبح من الضروري أن يتم تصميم الفضاء العام (الفراغات المفتوحة ) والمباني (الفراغات المغلقة) في آن واحد بحيث يراعي كل منهما الآخر فإذا ارتبطت حدود المباني بخطوط الشوارع فإنه من الضروري أن تفتح فضاءات المجاورة السكنية الخلفية على الطرق.
التخطيط الجديد يتم من خلال نظرة ثلاثية الأبعاد للمجاورة السكنية بحيث تخطط الفراغات والفضاءات وليس المساحات فقط ويلخص المعماري المخطط الفرنسي المعروف كريستيان بورزمبرك أسس التخطيط الجديد أو مراحله على النحو التالي :
ـ المجاورة يجب أن تكون مفتوحة والمباني المتحررة ذات إنفراد شخصي يميزها عن بعضها
(غير متلاصقة).
ـ المباني ترسم على حدود الطرق المحيطة بالمجاورة ولكن مع ربط الفضاءات المفتوحة الداخلية بفتحات مع الطرق وتكون حدائق خاصة فيما بينها وبذلك يكون هناك وضوح في فصل الفراغات الخاصة عن الفراغات العامة والطرق.
ـ يسمح فصل المباني عن بعضها باختلاف وتنوع الاستعمالات والوظائف (سكني، مكتبي، تجاري) وتوفير الإطلالة على الطرق وعلى الحدائق وتوفير الإضاءة والتهوية الطبيعية.
ـ فصل المباني و ترك فراغات بينهما يسمح باستقبال مباني جديدة . كما سيسمح بإمكانية تكييف المباني مع الإستعمالات المختلفة طيلة دورة حياة المباني.