الكثير من المواطنين المنتظرين ورود أسمائهم ضمن الدفعات الجديدة لصندوق التنمية العقاري يمنون النفس، ويرسمون للأحلام فيضاً من بياض، ونهايات سعيدة للبدء في بناء مساكن جديدة ومنازل لهم بعد معاناة من سنين دفع الإيجار والانتظار، وهو حلم وأمنية بالنسبة لهم، وفي المقابل يظل هدفاً استراتيجياً، تسعى جاهدة إليه دولتنا المباركة لتحقيقه لمواطنيها بضخ المليارات تلو المليارات في سبيل ذلك..!!
غير أن ما يؤرق ويثقل كاهل هؤلاء المواطنين هو التفكير في غلاء مواد البناء وأجرة العمالة وجشع المقاولين؛ ما يجعل من تكلفة بناء المنزل المكوَّن من دور أرضي وحديقة غناء نحو سبعمائة ألف ريال، وهو أكثرمن قيمة القرض الممنوح؛ ما يتسبب في دخول راغبي البناء في دوامةمن مديونيات البنوك المحلية ودهاليز الاقتراض من مؤسسات التقسيط المختلفة..!!
ومن هنا فإن أنسب الحلول وأفضلها وأنجحها سيكون في تأجيل منح القروض من صندوق التنمية العقاري إلى ثلاث سنوات قادمة على الأقل، وبعدها يتم الصرف بالتدرج، وبنسب أقل مما هي عليه وما هو معمول به حالياً. فمثلاً إذا كان صندوق التنمية يقرض في العام الواحد عشرة آلاف مواطن مستحق فيمكن تقليص هذا الرقم إلى النصف؛ حتى يتمكن مَن قبلهم مِن المقترضين السابقين “أصحاب الدفعات السابقة” من البناء..!!
ويعود السبب في هذا المقترح إلى أن كثيراً ممن تم منحهم قروضاً سابقة وحالية يستغرقون للانتهاء من التعمير فترة من سنتين إلى أربع سنوات؛ إذ يضطرون للتأجيل رغماً عنهم بسبب ارتفاع قيمة متر “العظم” من المقاولين، وارتفاع أجرة العمالة، وغلاء مواد البناء والحديد والأسمنت والبطحاء، وغيرها من مستلزمات التعمير؛ بسبب كثرة العروض التي تنهال عليهم (أي المقاولين)؛ وبالتالي فإن صدور أسماء ودفعات جديدة للبنك العقاري لن يزيد الأمر ألا تعقيداً..!!
مؤخراً بدأت بعض الأسعار في النزول بنسب متفاوتة، خاصة (أجرة المقاولين وعمال التشطيب)؛ وذلك كله يعود إلى تأجيل العديد من المواطنين فكرة البناء إلى حين ميسرة؛ لما يواجهونه من صعوبات وغلاء فاحش في سوق المقاولات ومحال بيع المواد ومصانع الأسمنت ومؤسسات إنتاج الحديد والصلب..!!
مثل هذا النزول اليسير يدعوننا للتريث قليلاً لالتقاط الأنفاس قبل المطالبة بمزيد من المنح؛ لأن ذلك غير مجدٍ؛ فحتى لو تم التسريع بصدور أسماء ودفعات جديدة لن يكون بمقدور الممنوحين البناء؛ وسيتم التأجيل من قِبلهم إلى سنوات قادمة..!!
لذا فالصبر “محمود العواقب” أفضل الطرق لتستعيد الأسعار مكانتها إلى ما قبل خمس عشرة سنة مضت، كانت فيها تكلفة بناء المنزل الإجمالية لا تتجاوز أربعمائة ألف ريال، خاصة داخل المناطق والمحافظات متوسطة المساحة والسكان والمظاهر الفضفاضة..!!