
أحد طلاب الدراسات العليا طلب مني المساهمة في موضوع يقدمه لجامعته يخص قضية الإسكان ومدى تأثيرها على الأسرة بشكل عام، كانت أسئلته متشعبة ومرتبطة بالقضايا الأخرى مثل الصحة والتعليم وانعكاسها على الإنسان مثل الفقر والبطالة أو الإدمان، وعن دور الحكومات في هذا المجال؟
ملخص إجاباتي أن السكن هو المتطلب الأول للأسرة، يأتي بعده الصحة والتعليم والأمور الأخرى، فإذا تملكت السكن صنعت استقرارك ،وانعكس ذلك على بقية مناشط الحياة الأخرى وساهم في استقرار الأسرة وتقاربها وعلى النقيض تماما فعدم تملك المسكن والاعتماد على الإيجار ذلك قد يسهم في تفكك الأسر ويضعف قدرتها على تأمين تعليم جيد للأبناء، وسيؤدي إلى الإحباط لدى رب الأسرة وسينعكس ذلك على بقية أفراد العائلة وقد تؤدي إلى جنوح الشباب وتفكك الأسر.
الحكومة عليها واجب المساهمة في تمكين المواطن من تملك مسكنه وبذل كل الجهود سواء بمنح الأراضي المجانية أو بسعر رمزي وإيصال الخدمات لها ووضع الضوابط والأنظمة التي تحميه من جشع المتاجرين بقوت الشعب، وتقديم التسهيلات الأخرى مثل القروض ومنع الاحتكار ووضع الآليات لضبط السوق، وهذا ما حدث ونراه ظاهرا هذه الأيام من خلال القرارات السابقة والجديدة حتى ولو كان بعضها متأخراً إلا أنها متوالية وستأتي نتائجها.
يبقى الجزء المهم في المعادلة وهو صاحب الشأن فهو من يصنع الاستقرار لنفسه وعائلته بالتخطيط والتنظيم والعمل الجاد واقتناص الفرصة متى أتيحت، وعدم الركون إلى الأحلام والاتكالية حتى بلوغ مرحلة اليأس وهذا هو ما حصل لفئة ليست بقليلة من المجتمع جاءتهم فرص التملك وتم التفريط بها إما بحصولهم على منح أراض وبيعها بأبخس الأثمان أو عدم الحرص على شراء أرض عندما كانت بأسعار ضمن قدرتهم الشرائية.
انخفاض أسعار العقار حلم الجميع ماعدا قلة منتفعة، فعندما تضخمت أسعار الأراضي وانعكست على المنتج النهائي كوحدات سكنية وأثرت سلبا على حركة الشراء والبيع حتى توقفت تقريبا، وهناك جانبان لهذا التوقف الإجباري الأول إيجابي ويتمثل في إيقاف الارتفاع غير المبرر لأسعار العقار والإيجارات مع زيادة الاهتمام بأهمية التملك والبحث عن حلول بديلة إضافة إلى ارتفاع مستوى الوعي لدى المستهلك النهائي.
والثاني سلبي جعل الجميع يحجم عن التداول ومنهم أشخاص صدرت الموافقة لهم على قرض الصندوق العقاري الذي قدم الكثير من المرونة والخيارات بهدف دفعهم للحصول على قروضهم والاستفادة منها ورغم ذلك لا زال أكثر من مئة ألف مقترض محجمين.
قد يأتي يوم وتنخفض فيه الأسعار إلى مستويات قياسية، وهذا قد حدث عدة مرات خلال العقود الأربعة الماضية، وكانت أسبابها إما أزمات أو حروب أو انخفاض البترول إلى أسعار أقل من عشرة دولارات، ولكن لا يجب الاعتماد كليا على الأزمات وإنما السعي ومحاولة التملك متى جاءت الفرصة.