حل قطاعنا المصرفي كرابع أقوى قطاع مصرفي في العالم وهي تراتبيه ولا أحسن لذلك لا أود الدخول في تفاصيل هذه التراتبية حاليا، لكن ما لفت نظري هنا تلك المفارقات العجيبة في القطاع المصرفي الرابع عالميا حيث جاء مركزنا قبل الأخير عالميا في نسبة التمويل العقاري التي لم تتجاوز 1.5 %، في حين كانت نسبة هذا التمويل العقاري في أستراليا مثلا والتي تشارك معنا في قائمة الأربعة الكبار في قوة القطاع المصرفي 78 % وهو ما يعني أن الفارق في هذه النسبة يصبح كالفرق بين الثرى والثريا وربما يصل إلى 45 ضعفا، ولهذا طبعا أسبابه ومكوناته التي لم تأت من فراغ ولم تعالج حتى الآن رغم استفحال مشكلة الإسكان منذ فترة ليست بالقصيرة والتي تتفرع معظم مكوناتها من تشوهات تشريعية وتنظيمية وإجرائية، وكثيرا ما كنا ننادي باكتمال منظومتها الأساسية لحل مشكلة الإسكان من جذورها بدلا من الهروب نحو البحث عن غطاء مالي حكومي خارج السياق لن يكفي رغم كلفته لعلاج المشكلة الأم والتي هي أصل المشكلة.
الدراسة التي أعدها صندوق التنمية العقارية أرجعت المشكلة الإسكانية لعدم اكتمال منظومة التمويل العقاري وهو ما يدعم رؤيتنا لحل المشكلة وذلك ناتج عن جملة من الأسباب منها عدم وجود سوق ثانوية للتسنيد والصكوك الإسلامية، وعدم توفر السيولة للمنشآت التمويلية وعدم وجود شركات ضمان للتمويل العقاري وغياب التسجيل العيني للعقار الذي تعثر تطبيقه شأنه شأن كثير من الأنظمة الأخرى، وبالتالي كان نصيب التمويل العقاري من المنشآت التمويلية على مختلف فئاتها شركات أو مصارف أو مؤسسات لا يتعدى 175 ألف وحدة في قطاع الإسكان وهي نسبة متدنية جدا لا تمثل سوى 3.5 % من إجمالي مخزون المساكن القائمة في المملكة، ولو كان هذا التمويل حاضرا من رابع أقوى قطاع مصرفي عالمي وبنسبة لا تزيد عن 30 % فقط وهي تمثل أقل من نصف النسبة المعمول بها عالميا لأصبح لدينا 1.5 مليون وحدة بنكية إضافية بدلا من 175 ألف وحدة حاليا وهو ما يوازي تقريبا حجم النقص الموجود للمساكن في البلاد. أين نضع هذه المسألة يا ترى في تراتبية رابع أقوى قطاع مصرفي في العالم؟