قبل أيام صرح مصدر في وزارة العدل بأنه ستكون هناك محاكم عقارية، تتولى البت في المنازعات العقارية فقط من أجل تسريع وتيرة العمل لإنهاء إجراءات نظر هذه الدعاوى التي تزايدت في الآونة الأخيرة. ومن خلال الإحصائية التي نشرت عن كم القضايا العقارية اتضح أن ما يقارب 60 في المائة من قضايا التركات عقارية، وأنها بمعدل 24 قضية يوميا على مستوى محاكم جميع المناطق في المملكة.
هذه الإحصائية لا شك أنها تمثل ثقلا كبيرا في حجم هذه القضايا ومن ثم فإن تخصيص محاكم عقارية يعني وجود مبرر لذلك ليس بأقل أهمية من تخصيص محاكم مرورية وأخرى عمالية، أيضا القيمة الإجمالية لهذه المنازعات العقارية تفوق في حجمها أي منازعات أخرى.
في حالة تطبيق هذا المقترح فإن المحاكم العامة سوف تكون متخصصة في القضايا المدنية غير العقارية وغير الأحوال الشخصية ما يبرر الدقة في استخدام المسميات منعا للبس وتداخل الاختصاصات بين تلك المحاكم التي تعمل تحت مظلة القضاء العام أو ما يسميه البعض القضاء العادي.
وفي إحصائية نشرت العام الماضي تفيد بتزايد قضايا الإيجارات، وترجع هذه الزيادة في دعاوى الإيجارات المتأخرة، وما يترتب عليها من طلب إخلاء العقار المؤجر إلى توقف إمارات ومحافظات المناطق والمحافظات عن النظر في الشكاوى التي يقدمها الملاك، حيث كانت اللجان المكلفة بذلك تقوم بدور مهم في تلقي الشكاوى واستدعاء الأطراف ومن ثم الفصل فيها بقرارات إدارية ملزمة، وعوضا عن استمرار تلك اللجان في دورها وتحويل ملاك العقارات إلى المحاكم العامة المختصة فقد تضخمت هذه القضايا أمام المحاكم.
إن طول فترة نظر الدعاوى العقارية، خصوصا الإيجارات وإخلاء العقار، مع فترة الاعتراض على الحكم ورفعه لمحكمة الاستئناف، وهو وقت طويل جدا مقارنة بالضرر الذي يقع على مالك العقار واستفادة المستأجر من هذه المدة، وهو ما يمكن أن يكون أحد الأسباب في المماطلة والتسويف، ووجود كل هذه القضايا وما يترتب عليها من شغل المحاكم في قضايا يمكن تلافيها بعرضها على جهات تنفيذية ذات صلاحيات في حل مثل هذه الأمور.
لقد اتجه بعض ملاك العقارات إلى استخدام السندات لأمر أو الكمبيالات أو الشيكات لتوثيق حقوقهم لدى المستأجرين، بحيث يمكن استخدام هذه السندات فورا أمام محاكم التنفيذ بدلا من عرضها على قاضي الموضوع، وفي هذا بلا شك إقحام للمدنيين في تحرير أوراق تجارية يجري العمل على استخدامها في الأعمال التجارية، ولكن المحاكم تقبل هذه الدعاوى وتفصل فيها على الوجه النظامي لأن سندات التنفيذ لها قوة الأحكام القضائية الواجبة التنفيذ الفوري.
ولعل هناك دراسة جديدة وعملية تعيد شكاوى إخلاء العقارات وإيجاراتها إلى المحافظات والإمارات في المدن الرئيسة، حيث تكثر قضايا إيجارات العقارات السكنية والتجارية والاستثمارية لتخفيف العبء عن المحاكم العامة، وكذلك محاكم التنفيذ وحفظ الوقت والجهد اللذين يبذلان من خلال المحاكم التي يحسن أن يبقى دورها في القضايا الأهم التي تتطلب جهدا في معرفة الحقيقة ومن ثم الحكم فيها، بخلاف ما هو عليه الأمر في قضايا الإيجارات فهي دعاوى يسيرة في إثباتها، حيث توجد عقود مقترنة بعدم السداد وهي حقيقة يسهل اكتشافها والفصل فيها دون إرباك المحاكم بما تتطلبه من جهد ووقت فضلا عن الضرر الذي يلحق بملاك العقارات السكنية.