
نظراً لكون المدن في أي بلد تختلف أحيائها فيما بينها في صفاتها البنيوية، العمرانية والاقتصادية والاجتماعية، ولأن هذا الاختلاف يترتب عليه اختلافات وتباينات في نوعية ومستوى العائد الاستثماري لأي عقار في حي من أحياءها، لذا كان لزاماً تصنيف أحياء المدن وعقاراتها الى مستويات تميز بعضها عن بعض وتسهل لكل مستثمر التواجد في المكان المناسب له.
اشتهر مؤخراً تصنيف الأحياء والمباني العقارية الى ثلاث فئات ( أ، ب، ج )، بمستويات مختلفة متدرجة من الأفضل الى الأقل. حيث يعتبر التصنيف (أ) هو الأفضل في المواصفات السكانية والاجتماعية والاقتصادية، يليه التصنيف (ب)، ثم التصنيف (ج)، الذي يعتبر الأقل في مستوى المواصفات المذكورة.
هذا التصنيف قد يختلف في العقار عنه في الحي، فقد يكون العقار من التصنيف (أ)، لكنه يقع في حي من التصنيف (ب)، ويمكن تصنيف عقارات متعددة بمستويات متباينة في أحياء مختلفة ترتفع او تقل تصنيفاتها. ويمكن أن تختلف وجهتي نظر في تصنيف عقار او حي معين ما بين من يرفع مستواه ومن يخفضه بدرجة واحدة، وهذا الوضع طبيعي، الا أنك لن تجد من يصنف عقار او حي في الفئة (أ)، وآخر يصنفه من الفئة (ج).
كي يتضح المقال لا بد أن نبين بعض هذه السمات للأحياء والعقارات من الفئات الثلاث المذكورة، مع التأكيد على أنها ليست الصفات الوحيدة ولا يشترط اكتمالها جميعاً، كما أنها قد تتداخل ما بين فئة وأخرى، وذلك على النحو التالي.
يتميز الحي ذو الفئة (أ)، بأنه حي جاذب للعقارات الجديدة والمتميزة، مبانيه تتسم بالجودة والجمال والعناية، يظهر على الحي العناية بالنظافة والصيانة العامة للمباني والمرافق، تتوفر فيها الخدمات العامة والمرافق ذات المستوى المميز، تتجه لها مراكز التسوق الحديثة، والنشاطات العامة.وتتجه اليها أنظار علية القوم.
كذلك المباني من الفئة (أ)، تتميز بجودة التصميم ومواد التنفيذ، تحظى مبانيها بصيانة وعناية، أسعار العقارات فيهاوايجاراتها مرتفعة، نسب الاشغال فيها عالية (أكثر من 95%)، قد يكون من الصعب الحصول فيها على عقار للتملك او الاستئجار، ولا تكاد ترى فيها إعلانات عن بيع او تأجير العقارات.
أما الأحياء ذات الفئة (ب)، فهي أحياء أقل جاذبية للعقارات الجديدة والمميزة، أغلب مبانيها الجديدة تتسم بطابع تصميم تقليدي، يحافظ الطابع العام على النظافة والصيانة العامة للمباني والمرافق، توجد فيها الخدمات العامة والمرافق ذات المستوى الجيد. غالباً تكون من الأحياء القديمة بالنسبة للفئة أ، او تكون في مناطق بين الفئتين أ، ج. وسكانها غالباً الطبقة المتوسطة من المجتمع.
كذلك المباني من الفئة (ب)، جيدة التصميم ومواد التنفيذ، تحتفظ مبانيها وعقاراتها بصيانة وعناية كافية، أسعار العقارات فيها وايجاراتها متوسطة، كما أن نسب الاشغال فيها متوسطة (95-75%)، من السهل الحصول فيها على عقار للتملك او الاستئجار، تظهر فيها الاعلانات عن بيع او تأجير العقارات.
أخيراً، أحياء الفئة (ج)، هي أحياء تقل فيها العقارات الجديدة، وتكثر فيها العقارات المرممة، أغلب مبانيها قديمة او مجددة وذات طابع تقليدي، تقل العناية فيها بالنظافة والصيانة العامة للمباني والمرافق، تظهر فيها الخدمات العامة والمرافق المتهالكة وغير الكافية، وتظهر فيها مناطق العشوائيات. سكانها غالباً من الطبقات الضعيفة والمتدنية من المجتمع.
مباني وعقارات الفئة (ج)، قديمة في تصميمها ومواد التنفيذ، لا يوجد في عقاراتها صيانة وعناية كافية، أسعار العقارات فيها وايجاراتها رخيصة ومتوفرة، نسب الاشغال فيها متدنية (أقل من 75%)، من السهل الحصول فيها على عقار للتملك او الاستئجار مع المفاضلة بين الفرص الكثيرة، تنتشر فيها الاعلانات عن بيع او تأجير العقارات وتستمرلفترة طويلة من الزمن.
بناءً على هذا التصنيف المذكور، فالمستثمر الذي يرغب في الحصول على عقار ذو مستوى عالي متخصص في انشطة مميزة ومرصود له ميزانية كبيرة، لنسميه عقار من فئة (أ)، لا يصلح أن يستثمر في حي من الفئة (ج)، ليس لأن العقار فئة (أ) ليس ناجحاً، او ليس مجدياً استثمارياً، وليس لأن الحي من فئة (ج) ليس صالحاً للاستثمار، بل بسبب اختلاف متطلبات كل منهما.
فالحي فئة (ج) له متطلبات مختلفة ستؤثر سلباً على العقار فئة (أ)، بسبب ما تقظيه بيئة الحي وبنيته من مواصفات تميز سكانه ومرتاديه بمتطلباتهم المتناسبة مع امكاناتهم المادية والاجتماعية، فالعقار فئة (أ) يستوجب تأجيره لأنشطة راقية ذات دخل جيد تقدم خدمات مرتفعة التكلفة، من المنطقي أن يتواجد في حي يكانه بحاجة الى مثل هذه الخدمات.
هذه التصنيفات تعكس طبيعة السوق ومتطلباته، فالمستثمر بفهمه لطبيعة السوق يسهل عليه توجيه استثماره لمكانه الأنسب له، والتوجه مباشرة للمنطقة والأحياء التي يمكن ان تفي بمتطلبات استثماره العقاري. كما أنه بتتبع بعض او كل السمات الواردة حول مواصفات كل فئة من العقارات او الأحياء يمكنه التمييز بينها دون الحاجة لوجود دليل تصنيف معلن. لأن من طبيعة البيئة العمرانية التغير الدائم فما صنف سابقاً من الفئة (ب) قد يصبح اليوم من فئة أخرى أعلى او أدنى.
إن تصنيف الأحياء لمستويات وفئات لم يكن هدفه منع المستثمر من الاستثمار في بيئة عن أخرى، ولا لأناس عن آخرين، إنما ليعرف كل مستثمر من هم المستفيدون من استثماره، وبالتالي يعرف كيف يقدم خدماته لهم، مما يخدم المستثمر ويزيد من مهنيّة العمل العقاري.