تقوم وزارة المالية، بصفتها الجهة التي تشرف على أملاك الدولة، وتعرف المستغل وغير ذلك من العقارات لديها؛ ولذا تقوم بقية الوزارات بالاتصال بها لتلبية احتياجاتها من السكن للوافدين من أطباء وممرضين وممرضات وخبراء مدنيين وعسكريين، ومدرّسي التربية وغيرهم.
تقوم الوزارة بتلبية احتياجات كل الجهات في الدولة، إما بما لديها من أملاك عامة، وإما باستئجار الشقق والبنايات والفلل لحساب مختلف الجهات؛ بغرض استخدامها من الإقبل الجهة الحكومية، وبالتالي تراكمت لديها على مدى عقود خبرة طويلة في هذا المجال، حيث تقوم لجانها المتخصصة بزيارة الجهات المطلوب استئجارها للتأكد من صلاحيتها، وإبرام العقود القانونية بشأنها.
وفي خطوة مفاجئة، وافق مجلس الوزراء قبل أيام على طلب تخلّي وزارة المالية عن هذه المهمة وأن تقوم كل جهة ووزارة حكومية باختيار المباني والفلل التي ترغب في استئجارها، وفقا لخطتها واحتياجاتها وضمن الميزانية المقررة لها.
لا شك في ان هذا الإجراء سليم ومستحق، ولكن يجب الحذر من شمول كل الجهات الحكومية به، فوزارات مثل العدل والأوقاف والصحة، والتربية، على سبيل المثال، تحتاج أن تكون مستقلة عن المالية في هذا الأمر، بسبب ضخامة حاجتها للإسكان من جهة، ومعرفتها بما تريد، وهذا سيوفر كثيرا من الوقت عليها، ويسهل أمورها، ويخلصها من الدورة الجهنمية المعروفة بـ«كتابنا وكتابكم».
أما الجهات الأقل حاجة للإسكان، وهي الغالبية، فيجب إبقاء مهمة تلبية احتياجاتها من السكن لموظفيها الوافدين أو غير ذلك ضمن وزارة المالية، فتحويل مسؤولية القيام بهذه المهمة لكل جهة سيؤدي الى خلق إدارات إسكان في كل وزارة وجهة حكومية، وسيكبر حجم العاملين بها مع الوقت نظرا الى حاجة كل جهة لمستشارين وقانونيين، وسينتهي الأمر بهبوط وكيل مساعد عليها بـ «براشوت» حكومي لتولي إدارتها.
نتمنّى على وزير المالية الانتباه الى هذه الجزئية، خوفا من أن يؤدي هذا الطلاق الى حدوث تخمة في الجهاز الإداري. كما نرجو منه الاهتمام أكثر بما يشاع من تهم الفساد في إدارة الإسكان لديه، وكنت شخصيّاً أحد ضحايا هذا الأمر.