تزامنا مع إعلان مؤسسة النقد بدء تطبيق مراقبة المنظومة التمويلية في المملكة ابتداء من أمس، ومن بينها نظام التمويل العقاري، الذي يهم شريحة كبيرة من المواطنين الذين يسعون لتحقيق حلم تأمين المسكن، والمقدرة أعدادهم ــ بحسب عدة دراسات ــ بنسبة تفوق 60% من إجمالي تعداد المواطنين السعوديين، أبدى الكثير من المراقبين مخاوفهم من تقلص سوق التمويل العقاري الموجه للأفراد، حتى مع الزيادة المتوقعة قريبا في أعداد شركات التمويل العقاري المرخصة، إلى جانب زيادة المخصصات المالية الموجهة للقروض العقارية من قبل البنوك، وذلك بسبب قرار تحديد نسبة التمويل المستحق للمستهلك، والذي يفرض عليه دفع 30% من قيمة القرض مقدما، وهو ما يعتبره الكثيرون حجر عثرة أمام نجاح اللائحة وآلية الرقابة على شركات التمويل، بالإضافة إلى عوامل مؤثرة أخرى، منها ارتفاع سعر فوائد التمويل إلى أكثر من 7% في حال كان القرض طويل المدى، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالعديد من الدول المجاورة، وعامل الشح العقاري الموجود في المعروض، والذي لا يتجاوب بشكل متزامن وعاجل مع ارتفاع الطلب، كما تعتبر سوق التمويل العقارية المقدمة من البنوك ضئيلة مقارنة بالقروض الأخرى مثل الاستهلاكية وقروض المعدات والمركبات، فهي لا تتجاوز 4% من إجمالي مجموع سوق الإقراض في المملكة، بينما قطاعات التمويل العقاري العالمية تقدم ما يقارب 80% من مصادر التمويل التي تضخ في سوق الإنشاءات الإسكانية.
كل هذه العوامل كانت وما زالت الدافع الأول والأساسي في جعل أزمة الإسكان ملقاة بالكامل على عاتق الدولة، ولذلك فإن المخاوف التي يبديها الخبراء تتطلب حزمة مساندة من القرارات بهدف مضاعفة تسهيلات التمويل العقاري على وجه التحديد، وكل هذا لا يوقفنا عن الإشادة بتشريع وتطبيق نظام رقابي على أسواق التمويل، فهو اللبنة الأساسية الأولى على طريق الحل.
10 نوفمبر 2014