الحد الأدنى من الثقافة الاستثمارية مطلوب ممن يريد الاستثمار في مجال العقار أو الأسهم أو في مجال المشاريع الصغيرة حتى يحمي نفسه من الوقوع في شرك النصب و الاحتيال، أذكر ذلك بعد أن نشرت الصحف في الآونة الأخيرة تحويل إحدى الشركات المتخصصة بالمجال العقاري إلى النيابة لاتهامات بغسل أموال ونصب واحتيال على مواطنين ومقيمين.
قبل الأزمة الاقتصادية التي تعرض لها العالم عام 2008، رأيت الكثير من المتداولين في البورصة الكويتية يجرون وراء الإشاعات و يبحثون عن الأسهم الأكثر تداولا (سياسة القطيع)، دون أن يكلفوا أنفسهم العناء في البحث عن أرباحها الفصلية ومكرر ربحيتها وقيمتها الدفترية والعائد على سعرها السوقي، وكذلك مستويات مقاومتها على المدى القصير والمتوسط، وأوقات جني الأرباح وأوقات البيع لإيقاف الخسائر، فكان الكثيرون من هؤلاء أول ضحايا الانهيار الذي حدث للبورصة الكويتية منذ سبتمبر عام 2008.
الفائدة أو الأرباح السنوية المستحقة في الوقت الراهن على الودائع في البنوك تقل عن %2، و عند النظر للعائد السنوي على الاستثمار العقاري في الكويت سنجد أن معظمه يتراوح بين %5 إلى%7، فعندما يعطي عقار المالك عائدا سنويا %7 مثلا، فمعنى ذلك أن المستثمر سيسترجع الأموال التي استثمرها في شراء هذا العقار بعد 15 سنة تقريبا، وفي دراسات الجدوى الاقتصادية، قد يصل معدل العائد الداخلي للمشاريع الصغيرة أو الضخمة المقترحة إلى حدود %10 سنويا أو أكثر من ذلك بقليل، وبالتالي عندما يأتي مروج لأي سلعة عقارية ويتكلم عن عائد سنوي عليها عند مستوى%15 مثلا، فلا بد أن يساور المستثمر الواعي بعضا من الشك والريبة من هذا العرض.
في المعارض العقارية من حق الشركات الترويج لمنتجاتها العقارية والمبالغة في المنافع التي ستجنيها من شرائك لمثل هذه العقارات، فسوق العقار مثل أي سوق آخر للسلع، يستخدم فيه البائعون كل الوسائل المشروعة لترويج بضائعهم، وفي المقابل لابد أن يكون للمشتري القدرة على التمحيص و التفرقة بين البضاعة الجيدة
والبضاعة الرديئة، ولا يجب أن ياخذه المديح و المنافع التي يفضيها المسوق لعقاره، فمسؤولية البائع ستتوقف على ما يكتب في عقد البيع. ولابد ممن يشتري عقارا خارج الكويت بغرض الاستثمار الأخذ في الاعتبار التكاليف الخاصة بالضرائب التي تفرضها بعض الدول على التملك العقاري وكذلك التكاليف السنوية لصيانة العقار والتي قد تتزايد مع السنوات، ويتعرف أيضا على قنوات التسويق الممكنة لاستثمار عقاره، ويحاول الحصول على معلومات دقيقة عن الشركة المطورة، و موقع العقار و مدى قربه من المرافق الصحية و التعليمية و كذلك من الأسواق التجارية، ويحاول أن يحصل على معلومات عن النمو السنوي الاقتصادي والديموغرافي للمدينة التي يقع فيها عقاره ومدى تطور بنيتها التحتية، و كذلك على مدى استقرار سعر صرف العملة للدولة المستثمر فيها. يستطيع المستثمر الحصول على تلك المعلومات بسهولة في وقتنا الحاضر من خلال المواقع المتوفرة علىشبكة الإنترنت، فالتسلح بالثقافة الاستثمارية يحمي المستثمر ويرشد قراره و يساعده على اختيار أفضل الفرص المعروضة.
يتضح من نجاح المعارض العقارية التي تنظم بشكل متكرر في الآونة الأخيرة في الكويت وجود طلب متنامٍ من قبل كثير من المواطنين للتملك والاستثمار العقاري، ومن أهم اسباب توجه المواطنين للتملك خارج الكويت هو شح المعروض منها داخل الكويت وارتفاع أسعاره، بحيث أصبح الكثيرون يتملكون بيتاً أو شقة خارج الكويت و لا يستطيعون أن يتملكوا مثلها داخل الكويت، وبالتالي يجب أن تكون هناك مبادرات لتطوير مشاريع عقارية يتشارك فيها القطاع العام مع القطاع الخاص لتطوير مشاريع عقارية لتستجيب لمثل هذا الطلب والتي سيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد الكويتي بشكل عام.