أولا أرجو ألا تصح بعض الأخبار التي نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي بأن بعض من يسمون أنفسهم «محتسبين» تدخلوا في بعض فعاليات العيد وداهموا مهرجانات رسمية وألغوا، مع سبق الإصرار والترصد، بعض مظاهر الفرح والسرور لأنهم لا يحبون هذا الفرح والسرور. وإن كانوا فعلوا ذلك، هنا أو هناك، فيجب أن يقبض عليهم ويحاسبوا حسابا عسيرا لأننا قلنا من قبل، وما زلنا نقول، بأن من يسمح ويمنع هو أجهزة الدولة المخولة وليس جماعات «فاضية» تتبرع بالتحليل والتحريم والسماح والمنع على هواها. كما أننا لا بد أن نذكر أن مما ورد في صميم رؤية 2030 أن الترفيه المنضبط، حسب قوانين الدولة وليس رأي المحتسبين خارج الدوائر الرسمية، هدف للمملكة وشعبها الذي لا تزال أعداد كبيرة منه تهاجر كل موسم إلى دول مجاورة بحثا عن الترفيه الصحيح الغائب أو المغيب في المملكة.
هذا شيء. والشيء الآخر هو هذه الأسطوانة المشروخة عند البعض إذا حدثناهم عن ضرورات توافر وسائل الترفيه في المملكة مثل دور السينما وقاعات المسرح وحفلات الموسيقى.. إلى آخره. دائما يواجهوننا، باعتباطية مقصودة، بأن الأولوية للسكن والوظائف وتلبية حاجات المواطنين الضرورية. ولطالما سمعت من يقول، على سبيل المثال، تحدث عن السكن أولا وعن بطالة أولادنا ثم تحدث عن السينما!! ومع أنني من أكثر من تحدثوا عن هذه المشكلات وهذه الاحتياجات إلا أنني في مثل ردود الفعل هذه أجد خلطا لعباس السكن بدباس الترفيه، إذ ما علاقة توفر مساكن للمواطنين بوجود وسائل الترفيه التي يعرفها العالم كله، إنشاء وتشغيلا واستثمارا؟!. لا أحد في بريطانيا أو إسبانيا أو الكويت أو البحرين يشترط على من يريد الذهاب إلى السينما أن يكون لديه سكن. ولا يشترط أن تكون موظفا لتحضر حفلة موسيقية تقام بمناسبة العيد السعيد، ولم أسمع من قبل أن دولة أعطت البطالة أولوية على قطاع الترفيه بها. دائما، في كل مكان وزمان، هذه مسألة وتلك مسألة أخرى تماما.
نريد السكن للمواطنين ونريد الوظائف للشباب والبنات ونريد الترفيه الذي يساهم في إحداث نقلة حقيقية ومؤثرة في هذا المجال. وأي من هذه الاحتياجات لا يغني عن الآخر ولا يؤجله. كما أن لكل منهما قطاعه الخاص الذي يهتم به وبشؤون وخطط تطويره، وبالتالي لا داعي ولا مبرر لهذا الخلط إلا إذا كان المقصود شيئا آخر غير ما يفرضه المنطق. ولربما يكون هذا الشيء أن هؤلاء يرفضون إطلاق صناعة الترفيه في المملكة لذاتها ويتحججون فقط بهذه الحجج الواهية ليعطلوا مسيرة الترفيه قدر ما يستطيعون.