تتربع مشكلة الإسكان في السعودية على هرم المشكلات الكبرى لمجتمع آمَن حد اللحظة، إنها مشكلة عصية على الحلول ولم تبتعد من الطموحات البراقة والوعود المتلاحقة والأفكار حبيسة الورق والمعدلة في غمضة عين وببركة أفكار أخرى، تناول المجتمع قريباً ومع ثوب جديد لبسته الوزارة صراحة أن السكن مشكلة فكر بالمقام الأول، وأن عتبنا لحظتها وانغمسنا في سخرية لاذعة ساحبين كل المعضلات الصغرى والكبرى للفكر المغلوب على أمره، إلا أن الحقيقة في شكل أو آخر تتحدث عن أن هناك ارتباكاً صريحاً في مسائل التعاطي مع هذه المعضلة، وأن الفكر المنتج للحلول ليس على ما يرام، وربما أنه وجد المساحة مهيأة فقط للتجربة وتقديم التوصيات غير الناضجة والمشي ببطء شديد، على رغم أن المعادلة الرياضية لخطة الإسكان لا تخرج عن أن (1+1=2). ما نقرأه أن المعادلة لها حلول أخرى لم نصل إليها بعد، وأن وزارة الإسكان متحمسة لصناعة مشهد رياضي غير عادي على أكتاف هذه المعادلة.
أكثر الكلمات التي نسمعها في إطار السكن السعودي هي المساحة والاستحداث والاحتساب والتعديل والنقاط، وبالطبع فهذه الكلمات هي الأسخن على الساحة في الأيام الأخيرة، إجراء 37 تعديلاً على لائحة الإسكان، وتقليص مساحة المسكن المناسب إلى 125 متراً مربعاً بدلاً من 400 متر مربع، ومنح نقاط إضافية في سلم ترتيب دوري المتنافسين إلى حلم السكن والتأهل لقوائم الأولوية، تلك التي كانت أغنية الوزارة منذ لحظة التأسيس، الدوران الزائد على الحد في حلول الإسكان سبب رئيس للصداع والتشاؤم وفقدان الأمل، وكل ما أتت تعديلات جديدة ربطت ببضعة أعوام كي ترى النور ونلمس بصماتها ومن خمس سنوات إلى خمس أخرى، الوزارة تقف بخجل عند حرج التصريحات والوعود الحارة والباردة وليت أنها وهي المغلوبة على أمرها – حتى تاريخه – تعتذر عن صياغة الجمل وتتوقف عن تقديم التعديلات المفاجئة، وإن جارت الظروف أو قست الأسئلة، صحيح أننا لم نرَ الطحين المطمئن على رغم الجعجعة، وما زالت الأوراق في كف كريم، لكن لو اختصرت الوزارة طريقها وقالت منذ وقت مبكر سنجتهد ولكن لا تثقوا بنا كثيراً فالأمر معقد وبلا سقف لهذا التعقيد، خذوا كدليل فلسفة حذف منتج كما حدث مع منتج «قرض وأرض» فذاك كافٍ لأن نقول إن المنتجات تطرح للسوق بسرعة متناهية باعتبارها جزءاً من الحراك التنظيري البحت إيماناً بأن الحذف مخدر موضعي والتعديلات أفضل الأدوية المستخدمة لملاطفة التوتر الاجتماعي، أتوقف بالسؤالين الصريحين: هل نحن راضون عن أداء وزارة الإسكان؟ وهل تمشي حلولها بسرعة الغزال أم بخطى سلحفائية بحتة! اعذروا «نعم» من الإطلالة في السؤال الأول، واحذفوا الغزال من الحكاية كلها، ورزقنا على الله.