لاشك في أن أهالي الاحساء يترقبون نتائج زيارة معالي وزير الإسكان الرسمية الأولى لمحافظة الأحساء غدًا، يترقبونها بأمنيات وآمال عديدة؛ أولها أن تكون نتائج هذه الزيارة مفرحة ومبشرة لهم بأخبار سارة عن مشاريع الإسكان في المحافظة التي طال انتظارها بسبب تأخر إنجازها، كما يأملون أن تكون هناك أخبار أخرى عن مشاريع الوزارة المستقبلية لحل مشكلة قوائم الانتظار من المحتاجين للدعم السكني، والتي تجاوزت عدد خمسين ألف مستحق.
كل هذه الهموم والأمنيات رغم أهميتها، إلا أن هناك أمرًا أكثر أهمية منها، وهو هم مستقبلي لأبناء المحافظة أصبح يؤرقهم ويأملون من معالي الوزير إعادة النظر فيه قبل أن يصبح معاناةً حقيقيةً، ومن خلال هذه المساحة؛ ننقل لمعاليكم رسالة أهل الاحساء التي نأمل أن تجد لديكم قبولًا وحلًا لمشكلة تمس مليون وثلاثمائة ألف نسمة، وهذا الرقم هو عدد سكان الأحساء، الذين يتعشمون في معاليكم خيرًا لإعادة النظر في مشروع إسكان ضاحية الأصفر الذي شهد إمضائكم مع الجانب الصيني قبل أسابيع لإنشاء عدد مائة ألف وحدة سكنية، ومنذ سماع هذا الخبر يامعالي الوزير والاستياء والتذمر يسيطر على المواطنين من أهالي الأحساء؛ بسبب موقع المشروع الذي لم يكن مناسبًا لعدة أسباب جغرافية وبيئية وصحية، فالموقع النائي الذي تم اختياره، يبعد نحو ٤٠ كيلومترًا من المنطقة المركزية للمحافظة، ما يعني بعد المشروع عن جميع الخدمات المهمة.
والمنشآت الحيوية كالمستشفيات والدوائر الحكومية والجامعات والأسواق والملاعب الرياضية والمطار ومحطة القطار والمدن الصناعية والكليات والمعاهد ومراكز التدريب وغيرها من مرافق الخدمات التي تقع في مدينتي الهفوف والمبرز، فهل يعقل أن يكون سكان الضاحية من جميع الفئات سواء الموظفين أو الطلاب والطالبات وكبار السن والمرضى وغيرهم على سفر دائم وقطع مسافة نحو ٨٠ كيلومترًا ذهابًا وعودةً للتنقل من سكنهم إلى وظائفهم وجامعاتهم ومعاهدهم ومستشفياتهم وغيرها من مشاغلهم اليومية؟ هل يقبل معاليكم أن يكون قراركم هذا مصدرًا لمعاناة مئات الآلاف من أبناء الأحساء الذين سيهاجرون من المدينة للسكن في ضاحية نائية تحيط بها الصحراء من كل جانب؟ فلم تكن الضاحية حول المدينة ولم تكن ساحلية على البحر، أصبح البحر وراءهم والمدينة دونهم.
وهل يعلم معاليكم أن هذا الموقع علاوة على عيوبه التي ذكرتها؛ يوجد به عيب جوهري آخر قد يتسبب في عزوف المواطنين من السكن في ضاحية الأصفر وعدم الاستفادة من المشروع وهو أنه لا يفصل بينه وبين بحيرة الأصفر سوى ٢٠٠٠ متر تقريبًا وهي البحيرة الشهيرة كشهرة بحيرة المسك التي تم طمسها قبل فترة في محافظة جدة، هل يعلم معاليكم أن بحيرة الأصفر مكونة من مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي وصرف مياه الأمطار، مايعني أن هذه البحيرة وبسبب تلوث مياهها قد تكون لها انعكاسات بيئية سلبية على صحة سكان ضاحية البحيرة سواء بسبب الروائح الكريهة المنبعثة منها أو بسبب احتمالية نقل البعوض والذباب لبعض الأمراض من مياه البحيرة الآسنة لسكان الضاحية! نكاد نجزم يامعالي الوزير أنكم لو زرتم الموقع على الطبيعة، فستجدون أكثر مما ذكرت لكم في المقال، وعشمنا أن يكون موقفكم من هذا المشروع لصالح المواطنين من أبناء المحافظة، وتدارك الأمر وحله في حينه، أسهل من بحث عن حلول قد تكون مستعصية في المستقبل.
آمالنا يامعالي الوزير أن تبحثوا مع أمانة الاحساء عن مواقع قريبة من الخدمات والتمدد العمراني كتلك التي تنفذ عليها مشاريع وزارتكم حاليًا، ولاسيّما أن أمين الأحساء ذكر أكثر من مرة استعداد الأمانة وتعاونها لمنح وزارة الإسكان ماترغب من الأراضي وبالمساحات المطلوبة.
معالي الوزير المشاريع الضخمة والتنموية في الجنوب الغربي للمحافظة، وأنتم اتجهتم بمشروعكم جهة الشرق، فهل تتوقعون بتجاهكم عكس بوصلة التنمية أن ينجح مشروعكم في ضاحية نائية ومعزولة عن العمران والخدمات؟!.