ذكرت ھذه الصحیفة 16 أكتوبر أن مبیعات العقار انخفضت بنسبة تقارب 28 %خلال عام 1438ھـ مقارنة بالعام الذي سبقه، وبلغ إجمالي المبیعات 92 ملیار ریال مقارنة بقرابة 127 ملیاراً عام 1437ھـ. وفي ثنایا الخبر تفاصیل عن مستویات الانخفاض في المدن الكبرى وغیرھا، مع ملاحظة أن مسلسل التراجع بدأ منذ عام 1435ھـ (2014م) أو حتى قبلھ. وتحدیداً بعد انطلاقة حزمة الشائعات وما أسمي المنتجات السكنیة التي دندنت حولھا وزارة الإسكان الموقرة فأسمعتنا أصواتاً كثیرة، ولم نر لھا من الطحن إلاّ قلیلاً.
ماذا یعني ھذا الانخفاض أو التراجع؟ البعض یراه صحیاً بامتیاز لأنھ یصحح الأوضاع التي نشأت من نمو غیر معقول في أسعار الأراضي، مما نتج عنھ بالتالي تضخم غیر مسبوق في أسعار الوحدات السكنیة، انتھى بتراجع قدرة المواطن على الشراء، وربما حتى الاستئجار، وتراجع العقار قد یعني بالضرورة تراجع السیولة النقدیة لدى المواطن، لكنه قد یعني أیضاً تراجع الاھتمام بتملك المسكن بصفته أولویة كبرى في ثقافتنا المحلیة المعاصرة، وھي ثقافة ربما كانت جیدة في عمومھا، لكن لیس على إطلاقھا.
وھذا التراجع أدى بدوره إلى تراجع معدلات الزواج، مما یعني تراجع الاھتمام بھ لأسباب متنوعة یأتي الاقتصاد في مقدمتھا، والانفتاح على العالم الكبیر، والتأثر بالثقافات الواردة التي تدعو إلى تأخیر سن الزواج حتى أواخر العشرینات وما بعدھا.
إنھا سلسلة مترابطة من الأفعال المتعاقبة والسلوكیات المتتابعة والظواھر المتزامنة، ولكل منھا أثمانھا الاجتماعیة والاقتصادیة التي لیست كلھا شراً محضاً، وإنما قد تنطوي بصورة أو أخرى على خیر، مثل انخفاض أسعار العقارات بیعاً أو تأجیراً المھم أن تُرصد الأحداث وتُحلل النتائج حتى نحسن قراءتھا قراءة جیدة تستشرف المستقبل دون مجاملة ولا مواربة، ومن ثم مواجھتھا بكل شجاعة وشفافیة مشفوعة بالأدوات اللازمة من العلم والبحث والمشورة مقرونة بحسن الاستماع إلى الرأي والرأي الآخر ضمن الأطر المتعارف علیھا من احترام وتقدیر.
المصدر